مآسٍ وأوجاع.. الذكرى الخامسة للغزو التركي على عفرين
عفرين – نورث برس
لن تنسى جيفين منان، (30 عاماً) اسم مستعار لامرأة من سكان مدينة عفرين شمالي حلب، ذلك اليوم الذي بدأت فيه تركيا غزو منطقة عفرين والتقدم إلى المدينة بمساندة فصائل المعارضة الموالية لها.
تتذكر “منان” كيف نزلوا، حينها، إلى أقبية الأبنية خشية نزول صواريخ تركيا كانت تمطر أحياء المدينة بشتى أنواع الأسلحة.
ولا تزال مشاهد تلك اللحظة عالقة في ذهن “منان”، وتقول: “أتذكر أطفالاً ونساء وشيوخاً، امرأة تحمل طفلها وتجر بيدها أولادها البقية، وشيخاً كبيراً في السن لا يقوى على المشي بين الأبنية المهدمة نتيجة القصف على المدينة، يحاول الإسراع خوفاً من سقوط الصواريخ قبل وصوله إلى القبو، وطفلاً فقد أمه وإخوته في ظل صراخ لا ينتهِ وأوجاع لا تبرأ”.
لمن تخضع؟
وتخضع مدينة عفرين ونواحيها لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا منذ آذار/ مارس 2018،عقب عملية عسكرية تركية بمساندة فصائل المعارضة الموالية لتركيا.
وشنت تركيا برفقة فصائل معارضة موالية لها في الـ 20 من كانون الثاني/ يناير 2018، هجوماً على منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، انتهت بالسيطرة عليها بعد 58 يوماً من الاشتباكات مع وحدات حماية الشعب والمرأة.
ويعيش عشرات الآلاف من مهجري عفرين في بلدة تل رفعت وقراها وخمسة مخيمات بريف حلب الشمالي.
وكاوا حنان (34 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة عفرين، ذاق ما ذاق من ألوان الذل والإهانة على يد عناصر فصائل معارضة موالية لتركيا، قبل أن ينزح إلى ريف حلب الشمالي.
ويروي “حنان” تفاصيل ما تعرض له على يد عناصر تلك الفصائل، “دخلوا عليَّ منزلي ونظروا إلى يد زوجتي فوجدوا مصاغاً ذهبياً لديها، فخيروني بين زوجتي والمصاغ، فأعطيتهم المصاغ ليتركوه”.
وبحلول الذكرى الخامسة للهجوم التركي عليها، قالت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قبل أيام، إن عفرين “تمثل قضية حاضرة حتى تحريرها وتحقيق عودة آمنة لشعبها المهجر”، مشيرةً في بيان إلى الانتهاكات والتغيير الديمغرافي فيها.
سرقة وانتهاكات
وكانت تركيا قد بدأت بمساندة الفصائل الموالية لها بالطيران من عدة محاور لتسقط البلدات في يدها واحدة تلوى الأخرى، ويبدأ مسلحو الفصائل بسرقة أثاث ومتاع سكان تلك المناطق وارتكاب انتهاكات تم رصدها والحديث عنها وسط غياب محاسبة دولية ومحلية لمرتكبيها.
ويعدد شيار مصطفى من سكان مدينة عفرين، الانتهاكات التي تعرضت لها المنطقة إبان الاجتياح التركي لمنطقة عفرين، من “سرقة دراجات نارية وسيارات وأثاث منازل ومحال تجارية وغيرها الكثير الكثير من الانتهاكات”.
يضيف “مصطفى” لنورث برس، أن عناصر الفصائل العسكرية الموالية لتركيا كانوا يصرخون من مدخل البناية على أحد أصحابها ويخبروه بإرسال مفتاح سيارته قائلين له: “أرسل المفتاح لنزيل السيارة من المكان قبل أن تدهسها الدبابة التركية، فضلا عن سرقة ما غلي ثمنه وخف وزنه”.
ونهاية النصف الأول من العام الماضي، نشرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، تقريراً موسعاً كشفت فيه تفاصيل التغيير الديمغرافي في عفرين وريفها، في ريف عفرين الشمالي.
وبدأت المنظمة تقريرها، بأنه “يجب على مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي اتخاذ مواقف صارمة تجاه محاولات التغيير الديموغرافية القسرية في عموم سوريا تحت أي مسمى وضمان ألا تساهم المساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار والتعافي المبكر بترسيخ تلك العمليات وجعلها أمراً واقعاً”.
وقالت المنظمة، إنه “بموافقة من السلطات التركية، قامت عدة فصائل من الجيش الوطني المعارض، ببناء واحدة من أكبر المستوطنات البشرية التي خصصت في معظمها لإسكان مقاتلي الجيش الوطني وعائلاتهم في منطقة عفرين التي شكل الكرد السوريين النسبة الأعظم من عدد سكانها تاريخياً”.
وأضاف التقرير، أنه “من المحتمل أن المستوطنات يتم إنشاؤها لتكون جزءاً من هذه العملية الممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية في عفرين، فهي تخضع لتغير واضح، نتيجة توطين السوريين النازحين من أجزاء أخرى من البلاد في أعقاب تهجير السكان الكرد بشكل أساسي، ووسط قمع واسع للثقافة الكردية في عفرين”.
وتواصل الفصائل الموالية لتركيا الاستيلاء وتأجير ممتلكات السكان الذين نزحوا أو فروا من المنطقة خلال عملية “غصن الزيتون”، وذلك يجعل أي عودة محتملة للسكان أمراً أكثر صعوبة، بحسب التقرير.