حلب – نورث برس
رغم الإصرار الروسي ومن بعده المساعي الإيرانية لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، إلا أن الأخيرة لا تزال تواصل تعنتها ومماطلتها في إجراء التطبيع فارضة شروطاً يجب على تركيا تنفيذها حتى يتم اللقاء.
وقال نبهان الخليل، وهو اسم مستعار لعضو في أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بحلب، إن مخطط أنقرة “بات واضحاً تجاه دمشق وأراضيها والمجريات المحيطة بنا تؤكد ذلك”.
وأضاف أن دمشق تدرس جميع الاحتمالات التي تصلها من خلال الزيارات الأخيرة التي أجراها الأسد مع أطراف أخرى. وسفير سوريا لدى روسيا هو الآن “الدينامو للملف السوري”.
سبب التعنت!
وأشار “الخليل” إلى أن زيارة زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، “ليست مفاجئة” لدمشق كما روج لها البعض، وهي ضمن الخط الخليجي “لاستعادة العلاقات الاقتصادية مع أنقرة عبر الأراضي السورية”.
ووصل الاستثمار الإماراتي في تركيا إلى مليارات الدولارات، “ومن الطبيعي الاطلاع على المستجدات الأخيرة بين دمشق وأنقرة ومن خلفهم السعودية”، بحسب “الخليل”.
وتنوي السعودية وضع وديعة في البنك التركي بقيمة خمسة مليارات دولار في حزيران/ يونيو 2023، “في خطوة غبر مسبوقة لإنقاذ رأس النظام التركي الذي يعاني من أوضاع صعبة بسبب فشل سياساته الاقتصادية والمالية”.
ولقاء الرئيس التركي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في قمة العشرين بإندونيسيا وعلى هامش حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم بقطر، “هي عودة العلاقات بين الرياض وأنقرة، والأخيرة هي المستفيدة الأكبر”، بحسب “الخليل”.
ويرى أن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق هي “ورقة رابحة للنظام التركي بعيداً عن المكاسب في الانتخابات التركية. أنقرة تتطلع إلى طريق نحو الخليج ولم يعد أمامها سوى الأراضي السورية”.
وربما كانت الأراضي العراقية هي الأفضل لتركيا، لكن الصراعات الداخلية ليس لها ورقة حل لدى أنقرة، بينما الحل السوري “أقوى وأسهل”، ومن هذه الخلفيات “تأتي دراسة دمشق للمعطيات الراهنة التي تجعلها تأخذ وقتاً حتى يتم لقاء الرؤساء”.
“مفتاح الانفراجات”
قال مراد صباغ وهو محام ومحلل سياسي في حلب، إن دمشق تمتلك اليوم “مفتاح الانفراجات” في الاقتصاد التركي وما تعانيه الليرة التركية ومصير حزب العدالة والتنمية “مرهون بلقاء دمشق”.
وأضاف “صباغ” لنورث برس: “دمشق تعلم نوايا تركيا في خطوتها القادمة باتجاه حصولها على مركز تسويق دولي متقدم للغاز الطبيعي، وهي تدرس مع الحلفاء إمكانيات نجاح إعادة التطبيع مع أنقرة”.
وفي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، صرح الرئيس التركي أردوغان، بأن حكومته تستعد لإنشاء سوق دولي للغاز الطبيعي في البلاد، بحسب ما نشرته وكالة الأناضول التركية.
وأضافت الوكالة نقلاً عن أردوغان القول: “لهذا نحن على اتصال وثيق مع دول في منطقة واسعة بدءًا من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وصولًا إلى البحر المتوسط”.
ووصف “صباغ” تعامل تركيا مع الملف السوري وكأنه “مفتاح الرحمة” للسوريين وهو ما تدركه دمشق في المفاوضات الأخيرة التي جمعت بين الأجهزة الاستخباراتية للطرفين في موسكو.
وشدد الرئيس السوري بشار الأسد على ضرورة إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية ووقف دعم الإرهاب، حتى تكون اللقاءات التي تبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا مثمرة.
وبعد المساعي الروسية، دخلت إيران على خط الوساطة بين أنقرة ودمشق، وسبقها زيارة لوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، إلى دمشق ولقاءه الأسد، تم التطرق خلاله لسبل تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية لما فيه مصلحة البلدين والشعبين.
وكخطوة “إيجابية” في طريق المباحثات التي أجريت بين الجانبين الإماراتي والسوري، أصدر رئيس الحكومة السورية، قراراً بالسماح لكافة الفعاليات والوزارات في الحكومة الاستيراد من المملكة العربية السعودية لكافة المواد اعتباراً من تاريخ التاسع من كانون الثاني/ يناير الجاري.
ويرى المحلل السياسي، أن تلك الخطوة تجاه السعودية هي من نتائج اللقاء بين الأسد ووزير الخارجية الإماراتي، إذ بحثا سبل تذليل العقبات لإعادة العلاقات التجارية والدبلوماسية بين الرياض ودمشق.
ويلفت “صباغ” النظر إلى أن الأمر “أكبر” من أن يكون اقتصادياً فقط، ويقول: “لو كان الأمر تجارياً لكانت الإمارات أرسلت وزير التجارة عوضاً وزير الخارجية”.