“كلشي ما عنا”.. أوضاع مأساوية يعيشها نازحو مخيم عشوائي في الرقة

الرقة – نورث برس

رغم عدم قدرته على الرؤية، لكن ذلك لم يمنع علي، من نقل الصورة الحقيقة لمعاناته ضمن مخيم جروة شمالي الرقة، مختصراً إياها في جملة قالها بلهجته المحلية: “كلشي ما عنا”.

علي العبد الله (45 عاماً) نازح في مخيم جروة العشوائي نحو 35 كم شمالي الرقة، وهو فاقد للبصر، ولديه عائلة مكونة من 7 أطفال ووالدته، ويجد صعوبة في إعالتهم في ظل الظروف الاقتصادية التي تعصف بالسكان والنازحين في المنطقة.

ويفتقد نازحو المخيمات العشوائية في الرقة للكثير من مقومات الحياة، في ظل ظروف معيشية وإنسانية صعبة، ونقص في المستلزمات لمواجهة برد الشتاء القارس.

يقول “العبد الله”، إنهم يعانون من قلة في المساعدات الإنسانية، ومحروقات التدفئة والخبز، وكذلك الخيام التي باتت مهترئة ولم تعد تقي برد الشتاء.

ويصف الرجل حالهم “بالمأساوي” حيث يضطر هؤلاء لاستخدام أكياس النايلون والبلاستيك وكذلك الأحذية للتدفئة، نتيجة عدم تسليمهم مخصصات التدفئة الشتوية حتى الآن.

“البرد قارس وأطفالنا أصيبوا بأمراض من دخان البلاستيك”، يقول “العبد الله”، مناشداً “المنظمات بدعم المخيم من كل النواحي”.

وتقطن في مخيم جروة العشوائي، 448 عائلة، وفيه 2225 طفل، و1345 امرأة، ومن ضمنهم 14 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وينحدر غالبية هؤلاء من مناطق ريف حماة الخاضعة لسيطرة قوات دمشق.

ولا يختلف حال فاطمة المحمد (39 عاماً) عن جارها، حيث تعاني المرأة شأن جميع النازحين في المخيم.

وتقول بلهجتها العامية، “كلشي ناقصنا، قوت لا تموت”، حيث يعاني النازحون من قلة الخبز والمحروقات، “الله وكيلك البرد ذابحنا”.

وتشير المرأة، إلى أنهم باتوا يفتقدون حتى بدائل التدفئة، وعلى رأسها الحطب، حيث امتنع المزارعون في القرى القريبة منهم عن إعطائهم الحطب، ولجأوا لتخزينه، أيضاً هؤلاء يعانون من قلة المحروقات.

ويعتمد الكثير من النازحين في المخيمات العشوائية على الحطب والبلاستيك، والنايلون والأحذية كوسائل بديلة للتدفئة في ظل غياب المازوت.

وعادة ما تسبب هذه الوسائل أمراضاً للأطفال والكبار على حد سواء وخاصة البلاستيك والأحذية التي تسبب الربو وأمراض صدرية أخرى.

وتشتكي “المحمد” كما حال معظم النازحين من قلة المساعدات الإنسانية، “يجيبولنا شهر يقطعونا خمس إلى ستة أشهر”.

أيضا تشتكي من قلة مواد التنظيف في ظل عجزهم عن شرائها، والتي “تسببت بانتشار الأمراض الجلدية والقمل والجرب بين الأطفال، التي تترافق مع الإهمال الصحي وعدم توفر لقاحات للأطفال”.

وتلخص حال النازحين في المخيم العشوائي، بالقول: “مخيمنا ناقص كلشي، والناس حيل تعبانين، مابو شي مو ناقصنا”.

وتعاني مخيمات الرقة العشوائية والتي يبلغ عددها 58 مخيماً، من قلة الدعم بعد انسحاب المنظمات الإنسانية، ويناشد مسؤولون في الإدارة الذاتية بضرورة دعم المخيمات التي تعاني أوضاعاً إنسانية صعبة.

وليست أم أحمد (48عاماً) بأحسن حالاً عن سابقيها، فتستهل حديثها لنورث برس، “وضعنا سيء”، في ظل ظروف الشتاء القاسية، وانخفاض درجات الحرارة، حيث يقطن النازحون في خيام مهترئة، و”بعضهم خاط قطعاً من القماش وأكياس الخيش، ليبني خيمة”.

وتعاني المرأة من وضع إنساني سيء، نتيجة ظروف النزوح والحالة الاقتصادية لها، وزاد من معاناتها مرض زوجها الذي أدخلته المشفى.

ويمر على سوريا شتاء شديد البرودة، حيث طغت الأمطار والضباب على معظم الأيام، ونتيجة غياب مستلزمات مواجهة الشتاء يعاني النازحون في ظل تلك الظروف.

ولا تكاد عبارات، “وضعنا سيء”، و”ما عنا كلشي”، و”محتاجين كلشي”، تفارق النازحين في مخيم جروة العشوائي شمالي الرقة.

إعداد: إبراهيم العيسى – تحرير: أحمد عثمان