انتقادات حادة لتقاعس الدول “الصديقة” عن إنقاذ السوريين من الظلمة والبرد
دمشق ـ نورث برس
يعبر الكثير من السوريين عن حالة الاستياء التي يشعرون بها، بسبب ما وصفوه بتجاهل الدول الصديقة لمعاناة الشعب السوري بسبب نقص مواد الطاقة.
ويشير البعض إلى أن روسيا وإيران يعلمون أن الشعب السوري يعيش فيما يشبه الظلمة منذ سنوات، وأنهم يعانون البرد القارس بسبب من نقص مازوت التدفئة الذي يغيب عن بيوت غالبية السوريين، إضافة إلى النقص الكبير في الغاز والبنزين وغيرها.
وأشار سوريون لنورث برس، إلى أن ما يجب أن تقدمه هذه الدول “ليس منّة”، حسب قولهم “بل واجب وتعويض عما يكسبوه من بلدهم على حساب الشعب السوري”.
وأضاف صاحب محل في البزورية، فضل عدم ذكر اسمه، أن سوريا تتعرض بشكل مستمر لغارات إسرائيلية تستهدف فيها التواجد الإيراني في سوريا. وكل هذا يفرض على الأخير تقديم الكثير من المساعدات للشعب.
وفي السياق ذاته أبدى رستم قدور صاحب محل ألبسة مستعملة في الإطفائية بدمشق، سخطه الشديد من ظروف الحياة، وقال إن غياب الكهرباء الطويل يجعل محله مظلم من الداخل وفي النهار.
واسترسل في حديثه لنورث برس، مذكراً بالصواريخ التي “ترج” سماء دمشق بين الفينة والأخرى “لأجل عيون إيران تبقى في سوريا”. وتساءل: “لماذا تقدم بلده كل هذا بالمجان؟”.
الروسي أيضاً
حالة الاستياء من التواجد الروسي لا تقل عن التواجد الإيراني، خاصة مع شعور عامة الناس أن روسيا “سطت” على الكثير من الثروات السورية والمواقع الجغرافية أيضاً والتي أصبح دخولها ممنوع على السوريين.
سامي القاضي، صاحب سيارة شحن يعمل على خط اللاذقية ـ دمشق، قال لنورث برس، إن أكثر ما يشعره بالاستياء هو الطريقة التي يستخدم فيها “الروس” للطرقات العامة. حيث يظهر بشكل جلي النظرة الفوقية التي يتعاملون فيها، وعدم احترام شروط السير والمرور.
وأضاف الرجل، أن سياسة روسيا في بلده “لا تختلف عن أي احتلال”، خاصة أنهم “لا يقدمون أي شيء رغم كل المعاناة تماماً كما يفعل المحتلون”، حسب قوله.
في حين كان بائع خضار في دمشق يترحم على أيام “الاحتلال الفرنسي”. وقال لنورث برس، إن “الحياة في زمن الاحتلال الفرنسي كانت أفضل مما نحن عليه الآن”.
وأضاف: “المحتلون القدامى كانوا أفضل من الجدد”، في إشارة منه إلى أن حالة الضيق التي يعيشها الناس من سياسة البلدين “الصديقين”.
تحسن آني
كان من اللافت التحسن الطفيف الذي طرأ على الكهرباء بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني عبد الأمير اللهيان قبل أيام إلى سوريا.
وهذا زاد من “الآمال المعقودة على إيران لانتشالهم من عالم الظلمات” التي تعيشها بلادهم، ولكن سرعان ما عاد الوضع إلى حاله مع تقنيين هو الأقسى.
وتساءل أحد الأطباء الذين يعملون في مشفى حكومي في الساحل السوري يعاني نقصاً في كل شيء فيما إذا كانت روسيا وإيران عجزتا عن تشغيل ٤ محطات لتوليد الكهرباء ومدها بالفيول؟
الخدمات للبنان
وما زاد من حالة الاستياء هو اعلان إيران الدائم عن تقديم عروضها للبنانيين بمنحهم الطاقة، وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أثناء زيارته للبنان منذ يومين مضيا أنهم مستعدون لتقديم “فيول مجاني وبناء محطتي توليد للكهرباء”. للبنان
وهذا ما دفع البعض لدعوته إلى تقديم عرض مماثل لسوريا.
ليس هذا فحسب بل تهكم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على عرض إيران للبنان بالقول إن عليه أن يحسن الكهرباء في سوريا أولاً!
وطالب الطبيب الحكومة بتقديم توضيح فيما إذا طلبوا من الأصدقاء سواء الإيرانيين أو الروس حل مشكلة الكهرباء، وفيما إذا تم رفض طلبهم. وختم بالقول إن هذا ليس ضمن اهتمامات الحكومة!
بصعوبة بالغة
وكان عضو غرفة صناعة دمشق فارس الشهابي قد أشار إلى أنه:
“حتى هذه اللحظة، تصدير قطعة ألبسة ولادي إلى أسواق الدول الحليفة لسورية أصعب بكثير من تصديرها الى المريخ.. ! علماً أن هذه القطعة كانت تصدر إلى مختلف دول العالم قبل الحرب، و منها الدول الأوروبية..!
مع كل المحبة للدول الحليفة فدعمها الاقتصادي لنا لا يشمل للأسف فتح أسواقها الكبيرة والهامة أمام منتجاتنا لأسباب غير منطقية نجهلها..! سورية لا تحتاج الى معونات بل إلى تشغيل وتصدير وأسواق..!
ورقة ضغط
وعن رأيه بعدم تقديم الدعم المطلوب من الدول الصديقة قال إعلامي مختص في الشؤون السياسية لنورث برث إن النفط الإيراني ورقة ضغط من إيران كما يبدو، لأنها البلد الوحيد المؤهل لتأمين المحروقات لسوريا بعد قطع العلاقات بينها وبين كل الدول التي يمكن أن تقوم بهذه المهمة خاصة مع وجود قانون قيصر والحظر الأمريكي على سوريا وإيران..
وعن التقصير بتقديم المحروقات من الجانب الروسي قال المصدر إن النقل من روسيا عملية طويلة ومكلفة، وروسيا لديها أوراق ضغط أخرى ومتحكمة أكثر بالقرار السوري، ونفوذها في سوريا أكبر من النفوذ الإيراني.
واشار إلى أنه حالياً مع المؤشرات التي تقول بأن حدثاً مهماً قد يطرأ على العلاقات السورية التركية، فإن ذلك يجب ألا يمس المصالح الإيرانية في سوريا، وأن ايران تسعى لذلك عبر طرق عدة منها:
إن الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني لسوريا لم تعد مطروحة واستبدلت بزيارة شخصية أقل وهو وزير الخارجية.. فإيران لا تقدم موقفاً قوياً كهذا دون مقابل سياسي، ومنها أيضاً الجوانب الاقتصادية خاصة ما يتعلق بالنفط ولهذا شهدنا نوعاً من التحسن الطفيف جداً في واقع الطاقة خلال زيارة عبد اللهيان لسوريا.