“تلاعب وخصم” في المخصصات يولّد أزمة خبز في ريف الرقة الشمالي
الرقة – نورث برس
يخرج حسن مسرعاً إلى الطريق العام المؤدي إلى الرقة، والذي يبعد عن قريته نحو 2كم، يرغب بالذهاب إلى المدينة لتأمين مادة الخبز لضيوف حلوا عليه.
احتاج الشاب أكثر من 3 ساعات بين ذهابه وعودته، رغم أن القرية لا تبعد أكثر من 15كم عن الرقة، ولكن لقلة المواصلات يوم الجمعة يستغرق الطريق أكثر من ذلك، مالم يحالف الحظ أحد سكان الريف الشمالي.
يقول حسن العلي (30عاماً) وهو من سكان قرية ميسلون، نحو 15 كم شمالي الرقة شمالي سوريا، إن الكثير من السكان يشابه حاله في ظل نقص حاد في مادة الخبز، واضطرارهم لتعويض ذلك بالخبز السياحي، والذي تتواجد أفرانه في المدينة فقط.
ويشتكي سكان ريف الرقة الشمالي، من قلة مادة الخبز المدعوم، حيث يُخصص للشخص رغيفين فقط، وهي كمية لا تكفي، لا سيما في ظل توقف الأفران عن العمل يوم الجمعة.
شحٌ في مقومات الحياة
يصف “العلي”، الواقع في قريته، بـ”لا يوجد شيء من مقومات الحياة”، حيث يشتكي السكان من الشح في كل شيء وحتى الخبز، إذ لا تكفي المخصصات للسكان.
يضيف الشاب، أن الأفران تمنحهم رغيفين للشخص يومياً ما عدا يوم الجمعة، وهي كمية لا تكفي لطفل، وفقاً لـ”العلي”.
لذا يضطر الرجل، وغيره من سكان الرقة وريفها لتأمين النقص من الخبز السياحي باهض الثمن، حيث يبلع سعر الـ 5 أرغفة ألفي ليرة، في حين يدفع السكان 500 ليرة مقابل 9 أرغفة من الخبز المدعوم.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ارتفع سعر كيلو الخبز من 300 ليرة إلى 500 ليرة دون إعلان رسمي، وهو ما نفاه مسؤول في هيئة الاقتصاد، لكن سكاناً قالوا إنهم اشتروا بهذا السعر.
وفي نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قال سلمان بارودو الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد، إن الإدارة الذاتية تخسر مبالغ “ضخمة” لتوفير مادة الخبز بسعر مناسب، لكن رغم ذلك “لم نحقق ما كنا نطمح إليه بخصوص جودة وتوفير المادة”.
وأضاف في تصريح لموقع الإدارة الذاتية، حينها، أن ربطة الخبز الواحدة تكلف الإدارة الذاتية أكثر من 1600 ليرة سورية، في حين تُباع بـ 300 ليرة.
وتخصص لجنة الاقتصاد في مجلس الرقة المدني 300 غرام من مادة الخبز لكل فرد يومياً، وتوزع اللجنة 207 طن من الطحين للأفران بشكل يومي، ويبلغ عدد الأفران العاملة في المدينة والريف 110.
ويصل عدد السكان فيها إلى نحو 900 ألف نسمة، 400 ألف منهم تقريباً يقطنون في المدينة، بحسب إحصائية لمجلس الرقة المدني.
“خصمٌ وتلاعب”
لكن شاكر الصالح (39عاماً) وهو من سكان قرية ميسلون أيضاً، يشير إلى “تلاعب وخصم” في مخصصات الخبر للقرية، إذ أن كمية الخصم تصل إلى 70 ربطة.
ويقول، إن مشاكل الخبز وعدم كفايتها للسكان تعود إلى “خصم ربطات” من مخصصاتهم، حيث تبلغ مخصصات القرية 580 ربطة، “في حين لا يصل لهم سوى 510 ربطات”، وهذا الأمر وفق قوله “سبب في المشكلة”.
ويشتكي سكان القرية ذاتها من مشاكل أخرى تضاف إلى معاناتهم، من حيث المياه ورداءة المحروقات وقلة المساعدات الإغاثية التي لم يستلموها منذ نحو عام، بالإضافة لأعطال الكهرباء، حيث يضطرون لتأمين المازوت لورشة الصيانة، ويدفعون 30 ألفاً لقدوم الورشة وصيانة عطل ما.
وتضرب مشكلة قلة مخصصات الخبز عموم قرى ريف الرقة الشمالي، فـ محمد العلي (38عاماً) من سكان قرية الحكومية شمالي الرقة، يقول إن مخصصاته من الخبز لا تكفيه سوى لوجبتي الإفطار والغداء.
ويرى أن عدم توفر مادة الخبز “كارثة حقيقية”، إذ أنها المادة الأساسية في منازلهم، في ظل أزمات اقتصادية ومعيشية يعانون منها، تفقدهم القدرة على شراء الخبز السياحي لتعويض النقص.
ويضطر الرجل، لطحن مادة الذرة وخلطها مع طحين “زيرو”، لخبزها في بيته وتعويض نقص المادة، ويقول “العلي”، إنه يستلم المخصصات ناقصة، ويحمّل المسؤولية في ذلك “للمناديب”.
تلاعبٌ مُثبَت
في منتصف تشرين الثاني/ سبتمبر الماضي، قال رشاد كردو الرئيس المشارك للجنة الاقتصاد في مجلس الرقة المدني، إن سبب النقص في كميات الخبز المخصصة للسكان، “يعود إلى سوء التوزيع من قبل بعض الأفران التي تقوم بهدر المادة”.
وأضاف لنورث برس، حينها، “أنهم يتخذون كل الإجراءات اللازمة لتكون كمية الخبز الموزعة كافية”، مشيراً إلى أن اللجنة تكثّف من دورياتها لمراقبة “ضعاف النفوس من أصحاب أفران ومناديب” لمنع هدر المادة.
لكن هذه الرقابة تبقى قليلة كما يرى المسؤول، لأن عدد الأفراد العاملين في التموين لا يتجاوز 30 شخصاً، بينما يوجد 300 مندوب، “هذا العدد غير كافٍ للسيطرة عليهم ومراقبتهم”، بحسب “كردو”.
وتوزع اللجنة 207 طن من الطحين للأفران يومياً، ويبلغ عدد الأفران العاملة في المدينة والريف 110.
وأمام كل ذلك، يطالب أبو نايف (53عاماً) وهو من سكان قرية إشبيلية شمالي الرقة، الجهات المعنية بتوفير مادة الخبز، ويقول بلهجته العامية: “إذا أفطرم الويلاد ما يتغدون، وإذا تغدوا ما يتعشون”.
وتأتي مطالبات الرجل، في ظل عدم قدرته على شراء الخبز السياحي، ويشتري الـ 7 أرغفة بـ 2500 ليرة، في حال توفرت بالمحال القريبة منه، وفي حال ذهابه إلى الرقة تكلفه أكثر من ذلك بكثير بين مواصلات وعناء.