حلب ـ نورث برس
على خط الوساطة الساخن بين دمشق وأنقرة دخلت طهران بعد انكفاءٍ لوساطة موسكو التي بدأتها قبل أشهر، وكادت أن تثمر عن لقاء على مستوى زعماء البلدين في تركيا وسوريا لولا التعثر الذي حصل في الأشواط الأخيرة من عمر المبادرة الروسية.
فالحكومة السورية كما صرح مسؤولوها لا تريد إعطاء بطاقة عبور للانتخابات التركية لحزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، كذلك بالغت أنقرة بطلباتها من دمشق لتحقيق أمنها القومي الذي يعتبر حجتها الأساس في أي عمل عسكري وعملية تفاوض.
لذلك جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، (رأس الدبلوماسية الإيرانية) إلى دمشق، لتضع مساراً تفاوضياً جديداً بين الجارتين اللدودتين، تحاول من خلاله “إطفاء شرارة الحرب المرتقبة التي باتت طبولها تقرع على كامل الحدود الشمالية والشمالية الشرقية من سوريا”، بحسب عضو في البرلمان السوري رفض ذكر اسمه.
وتحاول إيران، بحسب المصدر المقرب منها، أن تحصد عدة مكاسب من خلال مسعاها في إبرام أي صفقة بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان.
ومن تلك المكاسب، وفق ما ذكر عضو البرلمان السوري، “أن تضمن إيران مناطق نفوذها غرب الفرات، خاصة وأن العملية العسكرية التركية في حال حدثت فإنها تضع في قائمة أهدافها تل رفعت التي تعتبر خاصرة نبل والزهراء، وهي أهم قاعدة للوجود الإيراني في شمالي سوريا”.
ويضيف البرلماني السوري، لنورث برس، أن “كفَّ يد تركيا عن تل رفعت بعد اتفاق مع دمشق سيعني استمرارية الهيمنة الإيرانية على مجمل غرب الفرات بعد انكفاء روسي واضح بسبب حرب أوكرانيا، في مقابل هيمنة أميركية على شرق الفرات”.
وهذا الإصرار الإيراني يعني أن “طهران لا تريد أن تخسر هذا الموقع الحيوي الذي قد يستخدم كورقة ضغط وملفٍ تفاوضي مع أميركا”.
وقبل أيام، كشف عبد اللهيان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد، أن طهران تدخلت لمنع تركيا من الهجوم على شمالي سوريا، وذلك بعد أن أعلنت تركيا عن نيتها هذه.
كما يشير البرلماني السوري في محافظة حلب، عن هدف آخر لإيران من الوساطة بين أنقرة ودمشق، وهو “شق إقليمي مرتبط بدول الخليج، فالغزل السعودي التركي يثير غيرة إيران، لذلك تحاول كسب الأتراك من بوابة ضمان أمن حدودهم الجنوبية عبر تقارب مع دمشق”.
وتربط طهران بأنقرة علاقات اقتصادية قوية، فحجم التبادل بين البلدين يفوق 15 مليار دولار سنوياً، وبالتالي فتعزيز العلاقات بين البلدين عبر بوابة دمشق سيعود بالنفع على الاقتصاد الإيراني المعاقب غربياً، بحسب عضو البرلمان السوري.
ويرى أن أي اتفاق برعاية إيرانية بين سوريا وتركيا، “لا بد أن يمرر لروسيا، فهي لا تزال صاحبة الحل والعقد في الملف السوري بالرغم من الاندفاعة الإيرانية وغض الطرف الذي تنفذه موسكو تجاهها”.
لكن مصدراً مطلعاً في الحكومة السورية، أشار لنورث برس، إلى أن الوساطة الإيرانية في حال تمت “فلن تستطيع إذابة الجليد المتراكم منذ سنوات الحرب السورية بين دمشق وأنقرة. فالخلافات الاستراتيجية لاتزال عميقة بالرغم من جهود إيران الحالية وقبلها المحاولات الروسية المتكررة”.
وأضاف المصدر أن الرغبة التركية في التطبيع، “لها جانب انتخابي متعلق بحكومة أردوغان، وهو ما تدركه القيادة السورية التي تريد نوايا صادقة من تركيا وفي مقدمتها انسحاب كامل من سوريا ووقف دعم الفصائل المسلحة”.
أما بالنسبة لإيران، فهي لاتزال حليفاً استراتيجياً لسوريا “وعلى هذا الأساس تتعامل القيادة السورية مع وساطتها”. أي أن دور إيران في الملف التركي “يكمل الدور الروسي ولا يتعارض معه”.
ويتفق مع سابقه، في أنه “رغم المساعي الإيرانية ومحاولة كسب نقاط إضافية لصالح طهران، إلا أن روسيا لا تزال سيدة الموقف في سوريا”.