التوقف عن الإنجاب والرضاعة الطبيعية.. حلول سوريين بسبب الأوضاع الاقتصادية

دمشق ـ نورث برس

“إذا منجيب ولد على الحياة هون منكون عم نظلموا”، هكذا بدأت السيدة الثلاثينية ياسمين، وهو اسم مستعار، لسيدة من سكان حي المزة وموظفة حكومية, حديثها التي اختصرت فيه معاناتهم بسبب الأوضاع الاقتصادية، وتخوفهم على الجيل القادم في حال استمرت الأزمة الاقتصادية على هذا النحو.

السيدة التي تزوجت منذ قرابة السنتين ونصف, اتخذت قراراً مع زوجها بعدم الإنجاب في الوقت الحالي.

وتصف السيدة، في حديثها لنورث برس، قرارها: “كان صعباً علينا في بداية الأمر خاصة مع سؤال العائلة والأصدقاء دائماً إذ كنت حامل, لكن عندما أعيش مع زوجي كل يوم ونحن اثنان ولا نستطيع تأمين كُل ما نحتاجه بشكل كامل أعلم في يقيني أن قرارنا كان صائباً”.

وتضيف السيدة: “الإنجاب ليس بالأمر السهل والطفل الذي سيبصر النور في الحياة من واجبنا تأمين حياة هنيئة له, بدءاً من لباسه وحليبه وحتى ألعابه وصولاً لتعليمه وغير ذلك. لكن راتبنا أنا وزوجي وهو معلم ويعطي أيضاً دروساً خصوصية، لا يكاد يكفينا”.

في الوقت الذي اتخذت فيه “ياسمين” قرار عدم الإنجاب، تبحث مها القوتلي (24 عاماً)، من سكان منطقة ركن الدين وهي ربة منزل, عن قابلة لتوليدها.

وتتمنى “القوتلي” أن تتيسر ولادتها لتكون ولادة طبيعية, عوضاً عن الولادة القيصرية “لأن تكاليفها مرتفعة حيث تصل تكاليف المستشفى بدمشق إلى أكثر من مليون ليرة سورية”.

وتشير السيدة في حديث لنورث برس، إلى أنها خلال شهورها الأولى في الحمل كانت تتمنى  أن تجد قابلة عوضاً عن الدكتورة النسائية فـ”المعاينات مرتفعة حيث تصل إلى 20 ألف ليرة سورية”, وراتب زوجها الذي يعمل في أحد المحلات لا يحتمل كل تلك التكاليف.

وترى فاطمة خلوف (35 عاماً) من سكان منطقة دويلعة, وهي أم لطفلين, أن تكاليف إنجاب الأطفال كما تكاليف العرس والتجهيز.

وتضيف أنها تنصح السيدات على التفكير جيداً قبل إنجاب الأطفال, وتشدد على أنها لو وجدت سيدة ترضع ابنها في عامه الأول لتوقفت عن شراء الحليب المجفف له “فتكاليفه مرتفعة ووجوده في الصيدليات أصبح من النوادر, كل شهرين ثلاثة يُفقد الحليب من الصيدليات ثم يرفعون سعره”.

وتفكر السيدة في التوقف عن الإنجاب بعد ولادة طفلها الذي أنهى عامه الأول وطفلتها التي يبلغ عمرها 5 سنوات, إلى أن يتحسن الوضع الاقتصادي في سوريا.

نهاية تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، بدأت أزمة حليب الأطفال في مناطق الحكومة السورية على شكل نقص في المادة لشركة “ناسلة”، تحديداً، كونها الأكثر طلباً ويتم استيرادها بشكل نظامي.

وبعدها بدأت تفقد الأنواع الوطنية الأخرى، ما أثار سؤالاً تضمن: “ماذا تفعل الأسر التي لديها رضع وأطفال حديثي الولادة؟ وكم يحتاجون من تكاليف اليوم للحليب فقط إن وجد؟”.

وقبل أيام، أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن رفع سعر حليب الأطفال ماركة ” نستله” ليصبح 18800 ليرة للمستهلك، وماركة كيكوز 15300 للمستهلك، على أمل أن يكون الرفع بداية خط التوفر لطعام الأطفال.

ولا تستبعد السيدة رزان بناوي (29 عاماً) أن تلجأ السوريات للمرضعات أو للرضاعة الطبيعية عوضاً عن الحليب المجفف لأطفالهن الذي يزداد سعره بين الفينة والأخرى.

وتتوقع السيدة أن تلقى الفكرة قبولاً ورواجاً بين السوريات, فالرضاعة الطبيعية مفيدة للأطفال كما أنها تعزز التكافل الاجتماعي بين السوريين.

إعداد: مرام المحمد ـ تحرير: قيس العبدالله