دمشق ـ نورث برس
” بقديش قرص الشنكليش اليوم، علبة المتة بقديش بدي طرد إذا بتريد، الأخضر شو أحواله اليوم”، بهذه العبارات ولأجل التمويه يسأل الناس في مناطق سيطرة الحكومة السورية عن سعر الصرف، خوفاً من السلطات.
الدولار وسعر صرف الليرة مقابله، بدأت تتدخل وتحكم حياة العائلات والأفراد في مناطق سيطرة الحكومة السورية، لأنها تؤثر على تفاصيل حياتهم اليومية والمعيشة ابتداءً من سعر علبة المحارم، البقدونس، وصولاً للمازوت، الغاز، والبنزين وكل شيء مرتبط بالطاقة والطعام والشراب.
بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الفائت، ارتفع الدولار تدريجياً حتى وصل إغلاقه يوم رأس السنة لحوالي سبعة آلاف ليرة سورية مقابل كل دولار، ومع هذا الارتفاع ارتفعت أسعار كل شيء في مناطق سيطرة الحكومة.
وعليه، تحولت قيمة راتب الموظف الحكومي إلى 30 دولاراً فقط لا غير، وتحدث المحللون الاقتصاديون عن كارثة اقتصادية تنتظر البلاد، في حين أغلقت بعض المحال التجارية أو أوقفت البيع.
وفي هذه الأثناء كانت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تعدُ بأن المضاربين سينالون عقابهم الشديد وأن الدولار سيهبط بعد رأس السنة!.
تحليل اقتصادي!
أول أيام الدوام الرسمية بعد انتهاء العطلة، أصدر البنك المركزي، قراراً يقضي برفع سعر الحوالات الخارجية إلى 4500 ليرة سورية مقابل كل دولار، وذات السعر لدفع البدل للمتخلفين عن خدمة العلم، وذلك بدلاً من 3000 ليرة سورية.
وبعد هذا الرفع عاد السعر للانخفاض إلى أن وصل لـ5300 ليرة سورية، في حين بقيت الأسعار في الأسواق مرتفعة باستثناء الدخان الذي استجاب فوراً للانخفاض.
واعتبر الناس العاديين غير المختصين أن هذا “بفعل تدخل المركزي، وبقي الدولار يتراوح بين 5300 و5800 مدة أسبوع إلى أن عاد وارتفع لـ 6000 ليرة سورية وارتفعت الأسعار أكثر من ارتفاعه الأول”.
يقول محمد محمد، وهو اسم مستعار لدكتور في الاقتصاد، لنورث برس، مستغرباً: “من الذي قال إن المصرف المركزي تدخل! لا يوجد إثبات لهذا الموضوع، ولا يوجد لدي إثبات كشخص يتابع أو كمواطن عادي، نقطة أخرى من يتحكم بسعر الصرف في سوريا هذا سؤال مشروع يحكى به بالأروقة المغلقة؟”.
ويضيف: “الذي حدث في الأسبوعين الماضيين حملة مضاربات كبيرة، وبالتالي يوجد مجموعة من المضاربين هل هم مع أو ضد رفع الدولار؟ هذا السؤال ليس لدي إجابته ويحتاج إلى تدخل أمني لمعرفته”.
إضافة أنه نهاية كل سنة يثبت بعض المستوردين عقوداً للسنة القادمة مع المصدرين الخارجيين، بحسب “محمد”، ويضيف: “لكن الذي حصل ليس طبيعياً ولا نعرف كيف انخفض 2000 ليرة وبالتالي لا يوجد تفسير اقتصادي غير هذا الشق تحديداً” المتمثل بالمضاربين والمستوردين.
ولا يظن الاقتصادي، أن المصرف المركزي “لديه قدرة على التدخل لاسيما أن قيمة المستوردات 4 مليارات والصادرات 600-700 مليون ويوجد كسر حوالي 3500 مليار تقريباً، ومن يتحكم بالسوق هم عبارة عن قلة معينة تتحكم بالسعر”.
ويرجح الخبير الاقتصادي فعالية مقولة أن تهريب الدولار من لبنان إلى سوريا هو المساهم بخفض السعر لهذه المدة الوجيزة.
ويشدد على أن الارتفاع مستمر وسوف يحافظ على حدود 6500 ليرة سورية، طالما أن المركزي “يلبي حاجات الاستيراد بالحدود الدنيا”.
ضحايا الدولار!
يعتبر كل من يعيش ضمن مناطق سيطرة الحكومة السوري ضحية مضاربات بسعر الصرف، بغض النظر عمن يقوم بها.
وأغلق أبو علي إبراهيم (60 عاماً) محله في منطقة ال86 في عشوائيات العاصمة، بسبب ارتفاع الأسعار الذي وصفه بـ”الجنوني”، حيث وصل سعر علبة المحارم للـ10 آلاف ليرة سورية، وسعر كيلو الأرز إلى 12 ألف ليرة سورية.
وقال لنورث برس: “لا يمكن للناس أن تستغني عن حاجاتها الأساسية، وبسبب الارتفاع الكبير لسعر الصرف لم يعد هامش الربح مناسباً لشراء بضائع جديدة، فأغلقت أسبوع وعندما انخفض الدولار للـ5200 عاودت فتح المحل، وحافظت على البيع بأعلى سعر”، لأنه حسب تعبيره، اشتراها بسعر “غالٍ وعالٍ”.
وفي منتصف دمشق بمنطقة سوق الحمرا، يقول أنس المصري (33 عاماً) وهو اسم مستعار، لصاحب محل لبيع البيجامات، “أسبوعان والسوق في حالة ركود تام، كمية القطعة التي بعتها 5 فقط لا غير، لأن الأسعار ارتفعت 300% تماماً، وأصبحت الناس تقتصر بمستلزماتها على الطعام والشراب”.
ويتساءل: “كيف لمواطن أو مواطنة أن يشتري بيجامة ب250 ألف ليرة أو حتى ب150 ألف؟. لكن حتى بعد الانخفاض بقيت الأسعار على حالها”.
ويعتبر “المصري” أن هذا الانخفاض “وهمي” طالما لم يؤثر على الأسعار. ويضيف: “لا يوجد أحد يستطيع أن يجبر التاجر على البيع بسعر معين، ودوريات التموين تأخذ المعلوم وتذهب”.