في ظل إغلاق المنفذ الوحيد.. تردي أوضاع نازحي المخيمات العشوائي في الرقة
الرقة – نورث برس
بيدين تلونتا بالأسود، تحاول خود، أن تشعل النار بمدفئة بدائية صنعتها من “تنكة” زيت نباتي كانت قد جلبتاه من النفايات. وبعد أن تشعل النار تحاول المسنة أن تغسل يديها لكن دون جدوى.
خود العبدالله (53عاماً) نازحة في مخيم الحكمية، نحو 30 كم شمالي الرقة، شمالي سوريا، تجمع الجير وأكياساً من النايلون والبلاستيك من النفايات، لتشعل ناراً تتدفأ بها مع عائلتها، تقول إن وضعهم في المخيم “مأساوي”.
ويعاني النازحون في المخيمات العشوائية في الرقة ظروفاً إنسانية واقتصادية صعبة، نتيجة قلة المساعدات الإنسانية، في ظل استمرار إغلاق المعابر لا سيما معبر اليعربية/ تل كوجر.

وأُغلق المعبر، الذي يقع على الحدود السورية العراقية، بعد استخدام موسكو وبكين حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي لإغلاق المعبر أمام مرور مساعدات الأمم المتحدة مطلع العام 2020.
وتشتكي “العبدالله” من انعدام المحروقات للتدفئة في ظل شتاء قاسٍ يمر على المنطقة، حيث تصل درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
والخبز أيضاً، لا يكفي النازحة وعائلتها المكونة من حوالي 20 فرداً، حيث يستلمون مخصصاتهم بحدود 10 أرغفة، ولا قدرة لديهم على شراء الخبز السياحي باهض الثمن، إذ أن النازحين يعانون صعوبات اقتصادية كبيرة.
ونتيجة اعتمادهم على “الجير” في التدفئة، تقول المرأة، إن جميع أطفالهم أصيبوا بأمراض نتيجة الدخان المؤذي، كما أنها أُصيبت بالربو ودخلت العناية المشددة نتيجة ذلك، لكن لا حل أمامها لمواجهة البرد الشديد سوى أن تُشعل جيراً.
ويعتمد غالبية النازحين في المخيمات العشوائية في الرقة على الحطب والبلاستيك والأحذية التي يجمعوها من النفايات للتدفئة بها رغم مخاطرها الصحية.
وتشتكي “العبد الله” ونازحو مخيم الحكومية العشوائية، من قلة الدعم من قبل المنظمات، حيث لم يقدم لهم شوادر أو أغطية، وتقول إنه نتيجة سوء الخيام يتجمع قاطني المخيم أثناء الأمطار في خيمة واحدة لدى أحد النازحين تتحمل الظروف الجوية القاسية.
وأمس الاثنين، حذر مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، من أزمات إنسانية وصحية، في ظل استمرار إغلاق معبر اليعربية، منفذ الإدارة الذاتية على الحدود العراقية.
وكحال سابقته، يشتكي أبو دواش (61عاماً) وهو من قاطني مخيم الحكومية العشوائي، من عدم توفر محروقات التدفئة، في ظل ظروف الشتاء القاسية وخيمته التي لا تقيه البرد القارس.
يقول الرجل، إن غالبية النازحين في المخيم يعانون من ذات المشاكل “انعدام المحروقات، وقلة الخبز وعدم توفر الحطب كوسيلة بديلة للتدفئة”.
ويضيف، أنه نتيجة الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها، اضطر لبيع “عفش” خيمته، ولم يتبق لديه أغطيه لأطفاله تحميهم من البرد ليلاً.
ويعاني النازحون في المخيمات العشوائية، من صعوبات اقتصادية وقلة تقديم المساعدات، في وقت يعجز الكثير منهم عن تأمين العمل، حيث يعمل غالبيتهم بالمياومة ويعتمدون بذلك على الأراضي الزراعية الموسمية.
ولا يختلف حال هاني المحمد (33عاماً) عن سابقيه، إذ يتشابه غالبية نازحي المخيمات العشوائية بذات الحال.
وبلهجته العامية يقول الرجل: “العالم بمخيم الحكومية طفرانة”، نتيجة قلة الخبز، حيث تستلم عائلته المكونة من 18 شخصاً 10 أرغفة فقط، ويضيف: “البرد ذبحنا وذبح أطفالنا، المنظمات ما شفناها ولا ساعدتنا بشي”.

ويتخوف سكان شمال شرقي سوريا وخاصة النازحين في المخيمات، من استمرار إغلاق معبر اليعربية، والذي يعد شريان الحياة بالنسبة لهم.
وفي تصريح لنورث برس، قال شيخموس أحمد، مسؤول مكتب النازحين واللاجئين، إن استمرار إغلاق معبر اليعربية الحدودي مع العراق، يؤثر بشكل سلبي على أوضاع المخيمات ومراكز الإيواء.
واتهم “أحمد” حكومة دمشق بـ”استخدام ورقة المساعدات للضغط على الإدارة الذاتية”، مضيفاً: “المساعدات التي تصل لحكومة دمشق يتم بيعها في الأسواق ولا يصل إلا القليل لأصحابها”.