منبج – نورث برس
فقدت أمينة، الأمل بالعثور على أي أثر لزوجها، الذي فُقد أثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على منبج، منذ أكثر من ثماني سنوات.
تقول أمينة محمد (46عاماً) من سكان منبج، شمالي سوريا، إنها فقدت الاتصال بزوجها بعد خروجه من المدينة والذي كان ينوي الذهاب إلى دمشق، وتتشابه في حالتها مع سكان كثر من منبج فقدوا ذويهم خلال فترة سيطرة التنظيم.
احتارت المرأة بالبحث عن زوجها، “لا نعلم إذا كان موجوداً عند النظام أو داعش”، لكنها ورغم مخاوفها الأمنية استطاعت الدخول إلى كثير من الأفرع الأمنية التابعة للحكومة السورية.
وسيطر تنظيم “داعش”، على منبج بداية العام 2014 بعد معارك عنيفة استمرت لأكثر من 20 يوماً، أعلن على إثرها سيطرته الكاملة على المدينة بعد طرد عناصر فصائل المعارضة منها.
وبعد سيطرة “داعش” على منبج في مطلع العام 2014، مارس التنظيم حملة اعتقالات طالت المئات من سكان المدينة بتهم مختلفة، واتخذ من القبو الموجود تحت فندق المدينة، سجناً له، كما كان يقوم بتنفيذ إعدامات بحق المساجين ووضعهم بمقابر جماعية، وفقاً لسكان في المنطقة.
خلال بحثها الطويل، لم تحصل “محمد” على أي معلومة. أخبرها بعض من تواصلت معهم، بعد فترة من الزمن، أن عليها البحث في سجون التنظيم، حيث لا معلومات لديهم عن زوجها.
إلا أن مخاوفها من “بطش” التنظيم، وقفت حاجزاً أمام رحلتها في البحث، حيث رافقت فترة سيطرة التنظيم، حالة من الرعب والخوف لدى غالبية السكان في المناطق الخاضعة لسطوته.
وتأمل المرأة عودة زوجها “المخطوف، ومجهول المصير”، حيث تعيش الآن مع ابنتها الوحيدة، تواجه مصاعب الحياة حيث لا معيل.
وفي الـ27من تموز/ يوليو العام الفائت، عُثر في منبج، على مقبرة جماعية وسط المدينة، تضم أكثر من عشرة جثث، يرجح بأنها تعود إلى سجناء مدنيين في فترة سيطرة التنظيم.
وحينها، قال أحد كوادر الفريق الطبي المشرف على انتشال الجثث من المقبرة الجماعية، إنها “تعود لسجناء مدنيين لدى تنظيم (داعش)، لم نتمكن من تحديد هوياتهم، وذلك بحسب المعلومات الأولية المتوفرة”.
وكحال سابقتها، لم تعرف زهيدة عقيلي، أي معلومات عن زوجها بُعيد اعتقاله من قبل عناصر التنظيم، بتهمة تجارة الدخان، رغم أنها بحثت عنه في السجون والمحاكم ومراكز “الحسبة”.
لكنها سمعت أخباراً عن وجود زوجها بأحد سجون التنظيم، وقد تعرض للكثير من الضرب والتعذيب، كما أنهم كسروا له ساقه عند محاولته الهرب، كل ذلك سمعته من سجين خرج ورأى زوجها.
بعد ذلك ذهبت للسؤال عن زوجها، إلا أنها تلقت معاملة سيئة من عناصر التنظيم، وأمام مخاوفها من مواجهة ذات المصير لزوجها توقفت عن البحث، ومنذ ذلك الحين لم تعرف المرأة أي معلومة عن زوجها المفقود.
ومنذ سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مدينة منبج في العام 2016 بعد معارك مع التنظيم، تم العثور على العديد من المقابر الجماعية في الحديقة العامة وسط المدينة.
وفي المقبرة الأخيرة التي عثروا عليها في منبج، قالت لجنة الصحة، إن “معظم الجثث كانت مكبلة الأيدي ومعصوبة الأعين، وظهر على معظمها، آثار طلق ناري في الرأس”.
وبحسب علي محمد وهو إداري في الجمعية التركمانية في منبج، أن الجمعية وثقت فقدان نحو 550 شخصاً إلى الآن، في فترة سيطرة “داعش” على المدينة، منهم 129 اعتقلوا لدى التنظيم، وانقطعت أخبارهم.
وتعمل الجمعية التركمانية على إحصاء المفقودين أثناء سيطرة التنظيم، ليكون مرجعاً للجهات التي تعنى بالمفقودين والمغيبين قسرياً، وهذا المشروع الأول من نوعه في المدينة، وتقدم الإحصائية للمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم اللازم لعوائل المفقودين، وفقاً لإداري الجمعية.
وبدأت الجمعية عملها، منذ بداية شهر حزيران/ يونيو العام الفائت، أطلقوا مشروع لتوثيق الانتهاكات بحق السكان، إضافة للمفقودين والمعتقلين على يد داعش أثناء سيطرته آنذاك على المدينة.
وتجري عمليات الإحصاء والتوثيق بالتنسيق مع المجالس المحلية في منبج وريفها، وبعد الانتهاء من توثيقها ضمن المدينة، سيتم الانتقال إلى الأرياف بشكل متسلسل.