مرض وفقر ونزوح وأطفال دون معيل.. قصة نازحة من رأس العين
الرقة- مصطفى الخليل- NPA
على حبل غسيل لمنزل شبه مدمر، لعبة صغيرة معلقة، حملها صاحبها معه من منزله الذي تركه بكلّ أغراضه خلفه، يواسي بها نفسه علّها تخفف عنه مرارة الابتعاد عن بيته ورفاقه.
رحلة هي الخامسة منذ بدء الأزمة السورية 2011، والتي تضطر فيها بسمة كل مرة، لترك منزلها بما فيه، لتتجرع مرارة النزوح، مع أفراد عائلتها.
اضطرت بسمة بوزو البالغة من العمر /70/ عاماً للنزوح أول مرة من مدينة الرقة، أثناء سيطرة مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على المدينة، إلى مدينة رأس العين، لتضطر للنزوح منها إلى عين العرب/ كوباني، بحثاً عن عمل تعيل بها عائلتها بعد فقدان زوجها.
تركت بسمة، كوباني متجهة إلى تركيا، في سبيل إعالة عائلتها، لتعود أدراجها إلى مدينة رأس العين، لتغادرها مرة ثانية إثر الهجمات التركية مع فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها، متجهة إلى منزلها في الرقة الواقع في حي الأندلس، شمالي المدينة والذي وجدته مخرباً نتيجة قصف طائرات التحالف الدولي سنة 2017.
اضطرت بسمة للهروب سيراً على الأقدام وهي تحمل أحفادها، نتيجة قصف دبابات وطائرات الجيش التركي لمدينة رأس العين في الشهر الماضي، لتستقر في الرقة في منزلها الذي ما زال شاهداً على حجم الدمار الذي تعرضت له المدينة أثناء المعارك التي دارت بين مسلحي التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية.
علامات الفقر بادية على المنزل، فالباب غير موصدٍ كغيره من المنازل، بل حلَّ غطاءً محله، والغرف خاوية من أي أثاث، فضلاً عن الدمار الذي لحق بجدرانه والذي يعرضه للهدم في أية لحظة.
ولا تتوقف مأساة بسمة عند النزوح والتهجير فقط، فعائلتها بدون معيل، حيث يعاني ابنها من إعاقات جسدية وعقلية خاصة، إذ أنه غير قادر على العمل، كذلك تعاني زوجته من إعاقة حركية، إذ تصحبهما بسمة معاً وأحفادها الثلاثة في كل مرة تنزح بها.
تقول بسمة بوزو بنبرة تحاول فيها حبس دموعها لـ"نورث برس": "أوضاعنا المادية متردية، ولا أمتلك المال من أجل أحفادي، ولا أستطيع شراء الدواء لهم، ولا يوجد في بيتنا أكل ولا شرب"، مشيرة إلى أنه لم يقدم لهم أي أحد مساعدات.
وتتساءل بسمة كغيرها من النازحين "ماذا تريد تركيا منا؟!"، منوهة أن الطائرات والقذائف والدبابات التركية، تسببت بنزوحها من منزلها في مدينة رأس العين، متأملة العودة إلى مدينتها ومنزلها.
يذكر أن مئات الآلاف نزحوا من المناطق الحدودية ولا سيما من منطقتي رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض كري سبي من ديارهم، جراء العملية العسكرية التركية ، بحثاً عن ملاذ آمن لأطفالهم وحياتهم، تاركين خلفهم كل ممتلكاتهم وأرزاقهم.