ارتفاع أسعار وقلة فرص عمل وتدني أجور.. عمّال المياومة في منبج يعانون
منبج – نورث برس
يحاول أحمد العمل لساعات إضافية علّه يُوفق بالحصول على أجر أكثر من عمله السابق، لكن الرجل في كل مرة يُصدم بارتفاع جديد للأسعار.
وترك أحمد عثمان بدر (48عاماً) وهو من قرية قيراطة في منبج، قريته واتجه إلى المدينة، للحصول على فرصة أكبر بالعمل في المياومة، تخفف عنه عناء التنقل بين المدينة والريف.
لكن تراجع سوق العمل خلال الآونة الأخيرة زاد من معاناة الرجل وأقرانه ممن يعملون بالمياومة، حيث بات عمال المياومة يرزحون بين قلة العمل وارتفاع الأسعار الكبير الذي ضرب المنتجات، نتيجة انهيار الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية.
وتعبيراً عن سوء الحال الذي وصل إليه الرجل، يقول إنه “بسبب غلاء اللحمة صرنا نشم ريحة المشاوي وناكل رغفان الخبز”.
ويشتكي عمال مياومة في منبج شمالي سوريا، من قلة الأجور بعد انهيار الليرة السورية أمام الدولار الأميركي وتجاوزه حاجز الـ(7000) ليرة خلال الأيام الماضية، مما أثقل كاهل العمال في المدينة.
أجور متدنية
يتقاضى عمّال المياومة أجرتهم بالليرة السورية، فيما تُحسب قيمة السلع والمواد الاستهلاكية وفق صرف الدولار، ما أفقد الكثير من سكان منبج قدرتهم الشرائية.

وتكون أجرة العمّال إما مقطوعة ولا تصل بسقفها الأعلى إلى 20 ألف ليرة (حوالي 3 دولارات)، فيما يتقاضى آخرون بحسب الأعمال التي ينجزوها، حيث يتفق صاحب العمل معهم على إنجاز عمل ما مقابل مبلغ محدد.
ويشير “بدر”، إلى أن عمله اليومي لا يتجاوز دولاراً ونصف بحسب سعر الصرف، كما يشكو الرجل من قلة العمل، “إذا ما اشتغلت نبات جوعانين”.
وطالب عامل المياومة، بدعم اليد العاملة والنظر بوضعهم وتحسين أمورهم المعيشية في ظل الغلاء الفاحش الذي تشهده الأسواق في المدينة.
وأثرت ظروف الحرب منذ العام 2011 على الوضع الاقتصادي للسكان، وألحقت ضرراً بالغاً بالعملة السورية، حيث سجلت الليرة السورية في نهاية العام الماضي تدهوراً حاداً ليقارب سعر صرف الدولار الأميركي الواحد مقابل الليرة السورية حاجز الـ 7000 ليرة.
وأمام هذا الحال بات حسين الخلف (45عاماً)، وهو من سكان منبج، ومعيل لعائلة من 8 أفراد، عاجزاً عن تأمين حاجيات أسرته، حيث يعمل بأجر يومي لا يتجاوز 15 ألف ليرة.
ويتخذ عمّال المياومة في منبج من الدوارات والساحات العامة مركزاً لتجمّعهم، حيث يأتي الراغب بالحصول على أيدٍ عاملة إلى المكان ليتم الاتفاق على العمل والأجر.
يقول “الخلف”، إنه يحتاج لحوالي 40 ألف يومياً لتأمين المستلزمات الأساسية لعائلته، في حين لا يحصل في كثير من الأحيان على أكثر من 5 آلاف ليرة.
وبلهجته العامية يضيف: ” الحمدلله طلعتلنا البالة حتى نلبس ونلبس أولادنا، وبالنسبة للمواد الغذائية أسعارها باهظة، فسعر كيس السكر الـ 10 كيلو أكثر من 60 ألف”.
عجز بتأمين الحاجيات
بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، بات الكثير من العمّال غير قادرين على تحمل أعباء المصاريف الباهظة، لأنهم يتقاضون أجورهم بالعملة السورية ويشترون حاجياتهم بحسب سعر صرف الدولار الأميركي.
يقول “الخلف”، إنه قدّم أوراقه لمكتب التشغيل في منبج منذ 2018، لكن لم تتوفر له أي فرصة عمل، وبسخط يقول: “أشحذ ولا أرمي حالي تحت سيارة وأخلص من هلعيشة”.
وأمام عدم توفر فرصة عمل له، يضطر الرجل للعمل بالمياومة، ليعيل أطفاله، الذين لم يستطع شراء ملابس جديدة لهم منذ سنوات، وفق قوله.
وتراجعت القيمة الشرائية لليرة السورية مع التدهور الكبير بقيمتها، لذا وجد كثير من محدودي الدخل أنفسهم أمام تحدي تراجع القدرة الشرائية لدخلهم وتأمين تكاليف معيشتهم.
ولا يختلف حال بدر الحسين (39عاماً)، وهو معيل لأسرة من 6 أشخاص، عن سابقيّه، حيث يعاني الرجل من قلة فرص العمل وتدني الأجور.
ويقول، إنه يجلس في الساحة مع أكثر من 100 رجل، جميعهم عاطلون عن العمل، ولا يتوفر لهم العمل بشكل يومي، لذلك يضطرون للجلوس ساعات أملاً بالحصول على عمل.
ويطالب “الحسين”، بتوفير فرص عمل لعمال المياومة بأجور تتناسب مع الوضع الراهن الذي يعيشه السكان.
أحوال تزداد سوءً
كما أن حال عدنان المحمد (33عاماً)، وهو نازح من مدينة مسكنة ويعمل عامل يومية في منبج، منذ نحو 6 سنوات، ليس ببعيد عن سابقيه، حيث يشاركهم ذات المكان والمعاناة.
يقول “المحمد”، إن معاناتهم تزداد يوماً بعد يوم، من حيث أسعار المواد الغذائية والأدوية، وإيجارات المنازل والمواصلات، في حين أجورهم بقيت على حالها.
ويطالب الرجل، المنظمات الإنسانية بتقديم المساعدات لهم ومد يد العون، لمواجهة ارتفاع الأسعار الكبير، وتردي أوضاعهم الاقتصادية.