حلب – نورث برس
مع توقف السيارات المخصصة لنقل الموتى في دائرة الدفن بمدينة حلب شمالي سوريا، لم يبقى أمام جابر، خيار آخر سوى نقل جثمان والده إلى مثواه الأخير عبر سيارة إسعاف خاصة.
ويبدو أن أزمة المحروقات التي تسببت في تعطيل وتوقف شبه تام في العديد من المرافق والقطاعات في مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ كانون الأول / ديسمبر الماضي، طالت حتى الموتى، لتزيد بذلك من معاناة السكان.
وتقدم جابر نجار (55 عاماً)، وهو من سكان حي حلب الجديدة من الجهة الغربية بحلب، إلى مكتب الدفن بالأوراق المطلوبة، لكن القائمين أبلغوه أنه سيحصل فقط على رقم القبر وأدوات الغسل والكفن دون سيار، بسبب عدم توفر الوقود.
رسوم دون خدمة
ولغياب الوقود عن لسيارات الدفن، اضطر “نجار” إلى استئجار سيارة إسعاف خاصة لنقل جثمان والده المتوفى في الثلاثين من الشهر الماضي، من بيته في شارع الشهداء في الحي.
ولكن الرجل دفع مبلغ 200 ألف ليرة سورية كأجرة لسيارة الإسعاف رغم دفعه رسوماً لدائرة الدفن بلغت “85 ألف ليرة سورية لقاء سعر القبر والنقل و60 ألف أخرى كقيمة لكفن وأدوات الغسل.
وتحتاج عائلة المتوفى لشهادة وفاة طبية مصدقة من مديرية الصحة أو مشفى حكومي، ومراجعة مكتب دائرة الدفن في مقرها بحي حلب الجديدة الجزء الشمالي، لتسجيل الواقعة؛ بغية الحصول على مستلزمات الدفن وسيارة لنقل المتوفى للمقبرة.
وتقع المقبرة الحديثة ضمن منطقة النقارين بالريف الشرقي من المدينة، حيث تبعد عن مركز المدينة حوالي 15 كيلومتر.
وتتبع دائرة الدفن إدارياً لمجلس المدينة (البلدية) ولها مخصصات محددة من المحروقات.
استغلال لقبض رشوى
وتذهب شهادات سكان إلى أن أزمة المحروقات فتحت باباً ربما ليس بجديد لتحصيل الرشاوى، لتنعكس هنا في واقع المعاملة بدائرة الدفن التي تختلف بين متوفٍ وآخر بحسب “كرم عائلته والواسطة أيضاً”.
ويبدي بديع قهواتي (40 عاماً)، وهو من سكان حي المعادي بحلب، استغرابه مما تطور إليه الحال اليوم، فيقول إن “أزمة الوقود فتحت باباً للرشاوي حتى في دائرة الدفن”.
ويضيف “قهواتي” بلهجته المحلية: “ماني في كامل عقلي حتى افهم إذا دفعت براني ممكن أحصل على دور سريع في سيارة الدفن لنقل جثة أمي”.
وتطلب دائرة الدفن ممن يملك قبراً في إحدى المقابر الداخلية ضمن المدينة رقمه ومكانه وسنة الشراء، وإن كان المالك للعقار متوفى لا يمكن دفن المتوفين حديثاً بدون قرار قضائي.
وتقوم بعض العائلات في المدينة بشراء “مقاسم” وهي عبارة عن مساحة ضمن مقبرة تسع لدفن عدة أشخاص ممن يتوفون ضمن العائلة الواحدة حتى يتسنى لهم الدفن بقرب بعضهم وزيارتهم في مكان واحد.
ودفع ” قهواتي” مبلغ 700 ألف ليرة سورية حتى حصل على سيارة للدفن وتيسير أمور الدفن ضمن “المقسم” الأسري بعد “تعقيدات كبيرة انتهت بدفع رشاوي”.
إلى ذلك قال مصدر خاص من دائرة الدفن، لنورث برس، فضل عدم ذكر اسمه، إن “الدائرة تعاني من عجز كبير في السيارات والوقود فهي تتسلم كل يوم 200 ليتر وتستدين يومياً من مجلس المدينة حولي 200 ليتر من مادة البنزين”.
وتملك دائرة الدفن 8 سيارات نوع فوكس مغلقة موديل 73 تعمل على مادة البنزين وكل سيارة تحتاج إلى مدة 4 ساعات لأنهاء كل عملية نقل جثمان، بحسب المصدر.
ويضيف المصدر أن “الدائرة تعاني من نقص في الوقود كون السيارات المستخدمة قديمة وتهدر الوقود وقرار الحكومة ترشيد المحرقات لم يستثنِ عملهم”.