تناقض تركي بين التقرب من موسكو ودمشق ووعودها بتوسيع الناتو ومساعدة أوكرانيا

غرفة الأخبار – نورث برس

لطالما سعت أنقرة وهي عضو في حلف الشمال الأطلسي إلى عقد علاقات متوازنة مع دول الحلف ودول سابقة في الاتحاد السوفيتي أو أخرى معادية للأولى.

مع بدء تدخلها في سوريا وبناء علاقات اقتصادية مع إيران والصين، وبروز ملف “بنك خلق” وقضية تبيضيه لأموال إيرانية معاقبة، وشراء منظومة إس 400 الروسية، بدأت تظهر التناقضات في علاقات أنقرة وتعالت أصوات غربية وأميركية بضرورة اختيار تركيا للطرف الذي ستقف فيه، وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك بوصف تصرفاتها بـ “المعادية للناتو”.

أّثّر ذلك على علاقة تركيا مع الولايات المتحدة التي امتنعت عن بيعها طائرات أميركية الصنع، كرد فعل على شراءها لمنظومة الصواريخ الروسية.

عداء تركيا للإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية حليف التحالف الدولي في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، دفعها إلى توطيد علاقاتها مع موسكو ومؤخراً مع دمشق.

الأحد الفائت، التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في البرازيل، بكل من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ونائبة رئيس الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو.

وفي تناقض واضح بين موقعها في الناتو وعلاقاتها مع موسكو، الوزير التركي بحث توسيع الناتو مع الرئيس الألماني، بينما بحث مسألة الحبوب الأوكرانية ومساعدتها مع سفيريدينكو.

وسط تسريبات إعلامية، أن المرافئ التركية باتت سوق صرف لسفن البضائع والمواد والنفط الروسي المعاقب بسبب حربها على أوكرانيا.

وبينما عارضت جميع الدول الغربية ودول الناتو، الحرب الروسية على أوكرانيا وشددت العقوبات بحقها بحقها، إلا أن تركيا بقت خارج مسار الناتو.

وفي وقتٍ تريد فيه جميع الدول وبشدة انضمام كل من فنلندا والسويد إلى الحلف، تستخدم تركيا إلى الآن حق النقض.

في تصريح سابق لنورث برس، قال ديفيد فيليبس الباحث في جامعة كولومبيا الأميركية، “علينا أن نحاكم تركيا على ما تقوم به وليس على ما تقوله، وما قامت به حتى الآن هو في غاية العدائية لمصالح أميركا ودول الناتو”.

وأضاف في حوار خاص لبرنامج “واشنطن أون لاين” الذي تبثه شبكة نورث برس من واشنطن، “علينا النظر دائماً بعين من القلق إلى تركيا، حيث يمكنها في أي وقت أن تزعزع ميزان القوى، بخلق أزمات انسانية ونزاع أوسع”.

ويرى الباحث الأميركي أن على الولايات المتحدة، “التكلم واستخدام نفوذها وتأثيرها، وإرسال رسالة إلى المسؤولين  الأتراك ورئيسهم أردوغان، أن أميركا لن تتسامح لموضوع التدخل في سوريا”.

وتعليقاً على اجتماع موسكو، قالت الدفاع التركية: “الاجتماع ناقش الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين ومكافحة جميع التنظيمات الإرهابية في سوريا”.

هذه التنظيمات التي تراها تركيا “إرهابية” هي نفسها القوات التي كانت رأس الحربة في القضاء على “داعش” بدءً من حرب كوباني، وهي حليفة الولايات المتحدة التي من المفترض أن تكون تركيا أيضاً حليفتها وترسم سياساتها وفقاً لذلك.

وفي تصريح خاص لنورث برس، يرى الباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، إن اتفاق تركيا مع روسيا والحكومة السورية، سيزيد فرص توسيع رقعة السيطرة الروسية في الشمال السوري.

تقديرات الباحث تشير بالتناسب العكسي إلى اتساع تلك الرقعة على حساب الوجود الأميركي في سوريا.

يبدو أن تركيا نفسها لم تحصل على ضمانات لتحقيق أهدافها من الاجتماع، وجلياً أنها تسعى لإضعاف الإدارة الذاتية بإحلال قوات دمشق محلها، وفق ما جاء على لسان وزير خارجيتها.

لكن إلى أي حد ستوافق هذه السياسات التركية المتناقضات مع أعداء الناتو، السياسة الأميركية ورؤيتها للوضع السوري، والقوات التي حاربت معها تنظيم “داعش”.

يتساءل كتاب في مراكز بحوث دولية، إلى متى ستسعى تركيا إلى منع انضمام الدول إلى الناتو، هل ستستمر بشراء دفعات أخرى من الصواريخ الروسية وتطالب في الوقت نفسه بصواريخ أميركية، وأيم ستنتهي الشراكة التركية الروسية التي باتت تشكل عبئاً على الناتو ومتزعمته الولايات المتحدة الأميركية.

العالم بات ينظر بعين الشك والريبة إلى السياسات التركية وعضويتها في الناتو.

إعداد وتحرير: عكيد مشمش