نزوح وفقر.. حال عائلة تركت منزلها في تل أبيض وسكنت منزلاً بلا أبواب ونوافذ
عين العرب / كوباني – فتاح عيسى – فياض محمد – NPA
لم يكن لدى عائلة سميحة محمد نعسان البالغة من العمر /43/ عاماً، وسيلة نقل كي تحمل بها أطفالها وتنزح من مدينتها، تل أبيض / كري سبي، مع بدء قصف المدينة في التاسع من شهر تشرين الأول / أكتوبر الفائت من قبل الجيش التركي.
سميحة اضطرت للنزوح، سيراً على الأقدام إلى خارج المدينة مع أطفالها الخمسة الصغار وزوجها المريض.
لم تجد السيدة نعسان خيارات كثيرة أمامها، فقررت النزوح إلى قرية "قره موغ" بريف عين العرب / كوباني الشرقي، حيث يتواجد فيها أقاربها، كي تستقر فيها مع أطفالها الذين لا يتجاوز عمر الكبير فيهم /11/ عاماً.
فرار جماعي
تؤكد السيدة نعسان لـ"نورث برس" أن نزوح الأهالي من مدينة تل أبيض / كري سبي، كان جماعياً، فمع رؤيتها لأهالي القرية ينزحون بعد سقوط القذائف على المدينة، قررت إغلاق باب منزلها، والنزوح حفاظاً على أرواح أطفالها.
وعن هذا اليوم تقول سميحة: "هربنا من الحرب ونزحنا إلى هذه القرية، رأينا الجيران ينزحون ويقولون إن المسلَّحين دخلوا تل أبيض، لم يكن لدينا وسيلة نقل، فحملنا أطفالنا ونزحنا مشياً إلى خارج المدينة حيث توقفت سيارات الأهالي وحملتنا معها".
النزوح والفقر
عائلة نعسان من بين الأسر الفقيرة التي تؤمِّنُ قوت يومها بالعمل اليومي، لكن عندما اجتمع النزوح والفقر أثقل كاهلها، فالزوج مريض، والأطفال صغار، ومع النزوح تركت العائلة كل أغراضها خلفها ونزحت.
تقول سميحة "زوجي مريض لديه مرض الضغط ويغمى عليه كثيراً، ولدي أربع بنات وصبي، أطفالي صغار، الصبي الأكبر عمره /11/ عاماً والطفلة الأصغر عمرها عامان، وعندما بدأ القصف ومع أنه كان بعيداً تركنا كل شيء خلفنا ونزحنا لأننا خفنا على الأطفال".
وتتابع: "مع أن المنزل كان لنا لكن وضعنا المادي كان سيئاً، كنا نعمل باليوميات، ورغم ذلك تركنا كل أغراضنا ومنزلنا ونزحنا".
مأوى بلا أبواب ونوافذ
تعيش السيدة نعسان وعائلتها في منزل مهجور بدون أبواب أو نوافذ في قرية "قره موغ"، إذ أخذت بعض حاجيات المنزل من أقربائها في القرية، وقامت بوضع البرادي على النوافذ والأبواب، واتخذت المنزل المهجور، مسكناً لها ولعائلتها.
وتردف سميحة قائلةً: "لم نجد مكاناً سوى هذه القرية التي يتواجد فيها أقرباؤنا فنزحنا إلى هنا، نقيم حالياً في منزل مهجور كان سابقاً منزلاً للشرطة الحكومية، أخذت بعض الأغراض من منزل والدي لننام فيها، لكن المنزل بدون أبواب وبدون نوافذ، فقمنا بوضع البرادي بدلاً عنها رغم أن الشتاء قادم".
ما زاد من مأساة ومعاناة العائلة هو الزوج المريض، حيث سبب له النزوح عن منزله ومدينته، تأزماً في مرض الضغط الذي يعاني منه، فتقول زوجته "زوجي لا يستطيع العمل، فهو مريض، يغمى عليه دائماً، وحبوب الضغط لا تفارقه، ومؤخراً يغضب ويتوتر بشكل دائم ويغمى عليه كثيراً بسبب ما حدث لنا".
المسلحون ونهب الممتلكات
رغم نزوحها عن مدينتها، وتركها أغراضها ومنزلها خلفها، إلا أن السيدة سميحة، بدأت تستقصي أوضاع مدينتها ومنزلها من خلال التواصل مع الجيران من المكوّن العربي.
وبحسب ما تنقل لها جارتها فالوضع أصبح صعباً مع سيطرة المسلحين المتطرفين على المدينة الذين ينهبون ممتلكات الأهالي ويمارسون بحقهم الانتهاكات.
تقول سميحة "نتصل مع جيراننا من المكون العربي الذين لم يغادروا المدينة، تقول إحداهن لنا إن الوضع سيئ، فالمسلحون يأخذون الذهب من النساء، والعائلات لا تستطيع السماح للفتيات بالخروج من المنزل خوفاً عليهنَّ، لأن المسلحين قد يأخذوهنّ".
وتضيف عن حادثة وقعت لجارتها "زوج جارتنا في تل أبيض قال للمسلحين بأنكم نهبتم أملاكنا، أخذتم ذهب نسائنا وأخذتم أغراضنا من المنازل، فقام المسلحون بضربه كثيراً ومن ثم إرساله للسجن في تركيا، جارتنا كانت تبكي على الهاتف وتشتكي وضعها في المدينة".
تأمل العائلة العودة إلى منزلها رغم أن المسلحين نهبوا كل شيء فيه، وتختتم السيدة سميحة حديثها لـ"نورث برس" قائلة: "اتصلت بالجيران وأخبروني أن كل ممتلكاتنا في المنزل قاموا بنهبها، لا أستطيع أن أقول شيء، نحن نريد أن نعود لأرضنا، الله كريم، المهم أن يعود منزلنا إلينا، أغراضنا وممتلكاتنا تم نهبها لا مشكلة، المهم أن نعود لمنزلنا".