أعطال في أفران حكومية بحلب.. هل هي “جس نبض” لرفع سعر الخبز؟

حلب- نورث برس

أكثر من ثلاث ساعات متواصلة أمضاها حسين اليوسف (66 عاماً)، في طابور الخبز أمام فرن تشرين في حي الحمدانية في حلب.

لكن تلك الساعات التي أنهكت الرجل الستيني، لم تمكنه من الحصول على مخصصات أسرته اليومية من الخبز، فالفرن الآلي توقف فجأة عن العمل لوجود عطل، بحسب ما نقله القائمون عليه للواقفين في الطابور، ما حرم يومها العشرات من خبزهم اليومي.

يقول “اليوسف” وهو مدرس متقاعد، إن هذا العطل ليس الأول، فقبل أربعة أيام حصل عطل مماثل.

لكن المشكلة تكمن في أن هذه الأعطال قد تمتد لساعات أو ربما أكثر من يوم، ما يعني حرمان سكان من شراء الخبر حتى يعاد تشغيل الفرن، فمن خلال البطاقة الذكية يتمكن الشخص من شراء مخصصاته بشكل يومي وفي حال لم يشتريها ضمن اليوم يخسرها.

أمام هذا الحال، يلجأ البعض إلى أحياء أخرى للشراء من أفران حكومية، فيما يشتري آخرون الخبز السياحي أو الحكومي من السوق الحرة.

لكن هذان الخياران يبدوان غير مناسبين للموظف المتقاعد الذي لا تساعده حالته الصحية للذهاب إلى أحياء أخرى، كما أن وضعه المادي لا يمكنه من شراء الخبز خارج الأفران الحكومية.

ولا يتجاوز راتب “اليوسف” التقاعدي 80 ألف ليرة شهرياً، في الوقت الذي تباع ربطة الخبز السياحي التي تضم سبعة أرغفة 3000 ليرة.

وتباع ربطة الخبز المزدوجة (14 رغيف) في الأفران الحكومية للمدعومين بـ 400 ليرة، بينما تباع لغير المدعومين الذين رفعت عنهم الحكومة الدعم، بـ 1200 ليرة، وتباع ذات الكمية في الأسواق الحرة بـ 3200 ليرة.

يقول “اليوسف” ساخراً، “لو كنا نستطيع تحمل نفقات شراء الخبز  بالسعر الحر  لما اضطررنا للوقوف بطوابير”.

تمهيد لرفع السعر

ويتوقع “اليوسف” كما سكان آخرين أن ترفع الحكومة سعر الخبز بعد أعطال الأفران المتكررة، “فهي كما عودتنا تخلق أزمات على المواد الغذائية والمشتقات النفطية كمقدمة لرفع السعر”.

توقعات السكان برفع السعر، “لم تأتِ من فراغ”، فقبل  نحو أسبوع  نقل موقع “غلوبال نيوز” المحلي المقرب من الحكومة، عن إسماعيل الملا مدير المواد والأمن الغذائي في وزارة التجارة الداخلية، أن هناك “دراسة لتصحيح واقع الأفران ومنحها هامشاً ملائماً من الربحية للتمكن من كبح التجاوزات”.

“الملا ” قال حينها، إنه من خلال “زيادة سعر ربطة الخبز ولو بنسب بسيطة”  يجعل من الممكن “تحقيق أرباح واقعية للأفران”.

بعد يوم من ذلك التصريح، نفت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السورية نيتها في رفع سعر ربطة الخبز.

وقالت الوزارة عبر صفحتها الرسمية في فيس بوك، إنه “لا يوجد أي دراسة لرفع سعر ربطة الخبر أو نية أو تفكير”.

وأضافت أن “كل ما يشاع في بعض الوسائل الإعلامية، محض تخيلات وإبداعات شخصية لا أساس لها من الصحة”.

لكن منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، تحدثت الوزارة عن أن كلفة إنتاج ربطة الخبز تقدر بنحو 3700  ليرة، ما أثار مخاوف سكان من أنها تمهيد لرفع سعر ربطة الخبز خلال الفترة القادمة.

ورغم تأكيدات الحكومة أن الحديث عن تكلفة إنتاج الخبز لا يعني أبداً رفع سعر الربطة أو رفع الدعم عنه، لكن ذلك لا يقنع سكاناً يرون أن رفع السعر بات أمراً لا مفر منه وخاصة أنهم اعتادوا على تصريحات النفي والتأكيد الرسمية قبل رفع سعر أي مادة مدعومة.

“شراء الخبز معركة يومية”

يقول عبد الرحمن الصغير(39 عاماً) إن الخبز يسير على خطا البنزين، “يا لها من مصادفة، أعطال الأفران لم تحدث بهذه الكثرة إلا بعد الحديث عن رفع سعر الخبز”.

يستاء “الصغير” وهو محامٍ في حي سيف الدولة بحلب، من هذا الحال ويضيف: “إذا أرادت الحكومة رفع سعر الخبز، فلترفع الرواتب وتزيد من مخصصات المشتقات النفطية”.

الحال لدى ريما شحادة (35 عاماً) ليس أفضل من سابقها، إذ تعاني الأمرّين في سبيل الحصول على خبز عائلتها المكونة من أربعة أفراد.

ويعد تأمين المادة همٌّ يومي ملقى على عاتق “شحادة” وخاصة أن زوجها يؤدي خدمته الاحتياطية بصفوف القوات الحكومية.

 تشتكي السيدة من الازدحام الشديد على الفرن في حيها المشارقة بحلب وعدم تمكنها، أحياناً، من الحصول مخصصاتها، “شراء الخبز أشبه بالدخول بمعركة”.

تقول “شحادة” إن مخصصاتها من الخبز المدعوم 4 ربطات أسبوعياً، “ولكن بالكاد أحصل على  2أو  3في أفضل الأحوال” وخاصة أن الأعطال والصيانة باتت تحدث بشكل شبه دائم مؤخراً.

وتشير إلى أن مخصصاتها لا تكفي عائلتها وخاصة أنهم يعتمدون بشكل كبير على الخبز في ظل عدم تمكنهم من شراء فواكه وحلويات ومواد غذائية أخرى.

تضيف هي الأخرى مستاءة، “زوجي يتقاضى  150ألف ليرة شهرياً وبالكاد نستطيع شراء الخبز وها هي الحكومة تتحجج بأعطال الأفران لترفع السعر”.

إعداد: جورج سعادة- تحرير: سوزدار محمد