دمشق ـ نورث برس
أصدرت الحكومة السورية، مؤخراً، مجموعة من القرارات وصفها اقتصاديون بأنها تصب جميعها في مصلحة التجار، في حين لا تبدي الحكومة بكامل وزاراتها اهتماماً مشابهاً لذلك لرعاية مصالح وقضايا السكان أو المنتجين الزراعيين.
وكانت التعديلات المرتقبة التي أعلن عنها وزير التجارة الداخلية عمرو سالم، خلال اجتماعه مع التجار، مثار انتقادات كثيرة من قبل قانونيين.
وأعلن سالم عن العمل على تعديل بعض بنود القانون 8 لعام 2021 الخاص بحماية المستهلك. وأشار أحد المحامين لنورث برس، إلى أن القانون يشرع بمرسوم أو يقره مجلس الشعب، وإعلان الوزير عن تعديل القانون حتى يتلاءم مع التجار “فهذا أمر غير منطقي وغير قانوني”.
قرارات محابية
ومن القرارات التي صدرت مؤخراً، وصنفت من بين القرارات التي تحابي التجار: “تخفيض رسوم الاستيراد، والموافقة على تقديم دعم نقدي لشحن الصادرات بنسبة تصل إلى 25% من كلف الشحن البري والبحري للشاحنات المصدرة، وكذلك الموافقة على تقديم دعم مادي للمعارض التي تقام”.
عضو في جمعية حماية المستهلك، رفض الكشف عن اسمه، رأى أن وزارة التجارة الداخلية “تحابي التجار فعلاً”، ولولا ذلك “لما ظلت الأسعار والأسواق غير منضبطة”.
وقال لنورث برس، إن “مخالفات التجار الكبار كثيرة فمنهم من يتلاعبون بالفواتير، ويعطون فواتير أقل من قيمتها الحقيقية، وذلك لتخفيض الضرائب والرسوم الجمركية مما يؤدي الى خلل لصالحهم بين الأوراق والواقع، وهذا سلوك شائع تقع تبعاته على تجار المفرق، لأنهم الأضعف”.
فئة ضيقة
واتهم المصدر في جمعية حماية المستهلك وزارة التجارة، بأنها تعمل على تعديل بعض بنود المرسوم (8) “لصالح فئة ضيقة من التجار”، رغم الأخبار اليومية التي تتحدث عن “مخالفاتهم الجسيمة كالغش والتهرب من الضرائب وبيع المواد المدعومة بالسوق السوداء كالمحروقات وغيرها”.
واجتمع وزير التجارة، الأربعاء الماضي، مع ممثلين عن وزارة العدل، واتحاد غرف التجارة والصناعة، لبحث المواد التي سيتم تعديلها، وللتمييز بين المخالفات الجسيمة وغيرها والعقوبات الصادرة فيها كالسجن والغرامات.
في حين طالب أحد الاقتصاديين الحكومة بإلغاء شعار “المواطن أولاً” الذي تردده دائماً لأن سلوكها على أرض الواقع “مغاير لذلك”.
وأشار إلى أن اهتمام الحكومة ينصب على القطاع التجاري، وأن هنالك مشروع قانون جديد للتشارك مع القطاع الخاص سيراعي كل متطلبات الفعاليات الاقتصادية وخاصة ما يتعلق بموضوع العقوبات كالسجن والغرامات المالية الكبيرة.
وقال إن عقوبة السجن والغرامة تطال من يقوم بجرم يلحق الضرر بالمواطنين والاقتصاد الوطني، ومن لا يخالف القانون لا تطاله هذه العقوبات، وليس من العدل تعديل القانون لكي يتناسب مع المخالفات المرتكبة.
لكن ما يحصل أن المواطن وموارد الخزينة “ليست ضمن الأولويات”، حسب قوله.
بيئة مشجعة
بالمقابل، هنالك من التجار من قال لنورث برس، إن العمل التجاري يحتاج إلى بيئة عمل مشجعة، ودون ذلك ينشط التهريب وتنقص المواد في الأسواق وترتفع أسعارها بسبب إحجامهم عن العمل والاستيراد.
وأضاف عضو في غرفة تجارة دمشق، لنورث برس، إلى أن تعديل القانون رقم (8) لعام 2021، والذي مضى على تطبيقه أكثر من عام “أمر ضروري” لأنه يعرض أصحاب رؤوس الأموال لخطر السجن على مخالفات بسيطة وهذا يجعلهم يحجمون عن العمل.
وبين المصدر أن الحكومة مضطرة لمراعاة التجار وأصحاب الفعاليات الاقتصادية “لكي تضمن استمرار مصالح رعاياها”، وبين أن المشكلة الأساسية تكمن في انخفاض القدرة الشرائية وليس في الأسعار المرتفعة.
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار لأسباب كثيرة, ليست من مسؤولية التجار منها سعر الصرف وطريقة التعامل مع الدولار. وقال إنه مهما تم تخفيض الأسعار مع القدرة الشرائية الحالية “لن يحقق الأمر فرقاً يستحق الذكر في تلبية حاجاتهم”.
وأشار إلى أن الاقتصاد يبنى بالخطط والمتابعة والدراسات “وليس بردات الفعل”, وبين أن الجميع في سوريا يرى أنه “مظلوم والآخر مستفيد والمشكلة الأساس في الاقتصاد المتخبط”.