القامشلي – نورث برس
تشغل مسألة رداءة الخبز سكان شمال شرقي سوريا، إذ أنه يتفتت بسرعة ولونه مائل للأصفر، وتحاول الإدارة الذاتية تلافي هذه المشكلة، دون نتائج ملموسة على أرض الواقع.
ويقول محمد خليل، محلل اقتصادي لنورث برس، إنّ تكلفة ربطة الخبز التي تخسرها الإدارة الذاتية ليست مبرراً لتكون “جودته أقل من المقاييس العالمية لاستهلاك الإنسان”.
وفي تصريح سابق، قال سلمان بارودو، الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد، إن الإدارة الذاتية تخسر مبالغ “ضخمة” لتوفير مادة الخبز بسعر مناسب، لكن رغم ذلك “لم نحقق ما كنا نطمح إليه بخصوص جودة وتوفير المادة”.
ويرى “خليل” أن على الإدارة أن تحدد كمية الخبز بناء على عدد السكان في كافة المناطق وفق إحصائيات مؤكدة، وتؤمن هذه الكمية بالتنسيق مع المطاحن.
وتدرس الإدارة الذاتية قرارات جديدة متعلقة بمادة الخبز.
ويشير “خليل” إلى أنّ الفرد يأكل على أقل تقدير بين 400 و500 غرام خبز، وانطلاقاً من كل تلك المعلومات، نستخلص كمية القمح اللازم سنوياً لتحقيق اكتفاء ذاتي للمنطقة.
وفي 2022، استلمت شركة تطوير المجتمع الزراعي في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا حوالي 139400 طن من القمح في صوامع الجزيرة السورية، وأكثر من 56 ألف طن في “إقليم الفرات” (تقسيم خاص بالإدارة الذاتية يشمل كوباني وصرين وريفهما).
علاقة طردية
ولا ينكر المحلل الاقتصادي، أن العلاقة بين جودة الخبز وتكلفته طردية.
وبالمقابل يتساءل عن “سبب رداءة الخبز رغم أن الإدارة تقول إن تكلفة انتاج الربطة لديها عالية”.
ويضيف: “نشتري ربطة الخبز من الأفران الخاصة بـ 1500 ليرة سورية، بينما تقول الإدارة إن الربطة التي تباع في الأفران العادية بـ 300 ليرة سورية، تُكلفها 1600 و1700 ليرة سورية تقريباً”.
“وهنا يظهر التناقض، فلم لا تكون جودة الخبز المدعوم أفضل كون تكلفته أعلى”، في إشارة إلى أن أصحاب الأفران الخاصة يغطون جزء كبير من تكلفة الخبز من جيوبهم كونهم يشترون الطحين والمحروقات بأسعار أعلى.
ويعتبر خليل أن كل تلك المعطيات تدل على وجود مشكلة بإدارة المطاحن والمخابز.
وينفي المحلل أن يكون هناك علاقة بين إنتاج القمح وتحسين جودة الخبز، نظراً لأن الأخير مادة أساسية استراتيجية تتعلق بمهارة ومهنية العمل ونوعية المواد الداخلة فيه، لا بكميتها.
وفي مطلع العام الجاري، قالت أمل خزيم، الرئيسة المشتركة السابقة لهيئة الاقتصاد، لإذاعة محلية، إنهم يخلطون دقيق الذرة بنسبة 20 بالمئة مع طحين الخبز، الأمر الذي أدى لتراجع جودته، “العجز الحاصل في كمية القمح يتراوح بين 300 و400 طن، واحتياج المنطقة للقمح سنوياً 700 ألف طن”.
معايير خاصة
ويضيف خليل أن قرار الإدارة فيما يتعلق بموضوع الخبز “متأخر نوعاً ما، وكان يجب اتخاذه في وقت مبكر أكثر”.
ويشير إلى أن تحسين جودة الخبز له مقاييس ومعايير خاصة، “يجب توفر المخابز والفنيين ودراسة الطحين، وآلية الطحن، ونسبة المواد وغيرها الكثير”.
ولا ينكر المحلل أن الإدارة تتكبد بعض الخسائر فيما يتعلق بالقمح، كون هناك أزمة عالمية مرتبطة بها وأسعارها مرتفعة بشكل طبيعي، الأمر الذي يزيد تكلفة الخبز بشكل متسارع.
وبالنسبة لسعر الخبز، يجد خليل أنه على الإدارة “ترك السوق يصحح نفسه باعتباره سلعة كغيره، ويكون البيع بالقيمة الحقيقة مع مراعاة الجودة”.
ومنذ حوالي أسبوعين، ارتفع سعر ربطة الخبز المدعوم من 300 إلى 500ليرة، وذلك دون أي قرار رسمي.
ويقترح المحلل الاقتصادي أن تحصل المطاحن على القمح من المزارع مباشرة، وتعطيه للمخابز “سيكون عندها الخبز بجودة عالية”.
ويرجع السبب إلى أن صاحب المخبز سيعمل بتركيز على الجودة، ليحقق نسبة بيع أكبر من غيره، “هكذا لن تتكبد الإدارة الذاتية أي خسائر”.