“استثناء” إعلامي لعقوبات “قيصر”.. الأسعار إلى ارتفاع وحركة اقتصادية معدومة في منبج

منبج – نورث برس

لم يطرأ أي تحسن في أسعار المواد الغذائية الأساسية، ولا في الحركة الاقتصادية أيضاً، بعد استثناء الخزانة الأميركية لشمال شرقي سوريا من العقوبات الاقتصادية المفروضة على الحكومة السورية، كما يرى علي.

علي الإبراهيم (45عاماً) تاجر مواد تموينية في مدينة منبج شمالي سوريا، يقول إن أسعار المواد بقيت على حالها كما قبل الحديث عن الإعفاء من عقوبات قيصر، ويبيعون وفق السعر الذي يشترونه بعد إضافة الضرائب وتكلفة النقل على المواد.

وفي الثاني عشر من أيار/ مايو الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية إعفاء مناطق الإدارة الذاتية والمعارضة السورية، من عقوبات “قيصر”، الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران/ يونيو عام 2020، استثنت من الإعفاء مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

وتعاني كافة المناطق السورية أزمة اقتصادية نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها، وعلى الرغم من استثناء مناطق شمال شرقي سوريا من هذه العقوبات، إلا أن الأسعار والحركة الاقتصادية والاستثمارية لم تتغير.

يرى “الإبراهيم”، أن إعفاء مناطق الإدارة الذاتية من قانون قيصر “كان يجب أن يتخذ مسار إيجابي بدخول المستثمرين لإنعاش المنطقة اقتصادياً”.

وفي الوقت ذاته، يقول إن الحصار المفروض على الإدارة الذاتية من إغلاق معابر، وتهديدات تركية مستمرة “يؤثر سلباً على تطبيق الاستثناء بشكل فعلي”.

لذلك، وبحسب “الإبراهيم”، أن عدم الاستقرار الأمني والسياسي، يمنع دخول المستثمرين إلى المنطقة، والذي كان “سينعكس بالإيجاب على الأسعار وتوفير فرص العمل وإنعاش الحركة الاقتصادية، لو حدث”.

وتعتمد مناطق شمال شرقي سوريا على ثلاثة مصادر لدخول البضائع، وهي عبر مناطق حكومة دمشق، ومناطق المعارضة، ومعابر تربط الإدارة الذاتية بإقليم كردستان العراق، وهذه المصادر لم تتأثر إيجابًا بعد الإعفاء الذي أعلنته وزارة الخزانة الأميركية.

ونتيجة لذلك، تذهب البضائع التي يشتريها علي السعيد (53عاماً) وهو خياط في منبج، من مناطق دمشق إلى مدينة مرسين التركية لتعاود الدخول مجدداً إلى منبج، رغم أن الأقمشة تُصنّع في مدينة حلب.

وبذلك تزيد التكلفة على “السعيد” نتيجة النقل، ويُضاف لسعرها نسبة 50 بالمئة، وتصل إلى المستهلك بضعف سعرها الحقيقي، بينما تضاف لها نسبة 5 بالمئة في حال دخلت مباشرةً من حلب إلى منبج.

وفي جميع الحالات المستهلك هو المتضرر الأكبر، إذ أنه يدفع سعر البضائع بالدولار الأميركي، ويتقاضى بالليرة السورية، التي تدهورت قيمتها بشكل كبير.

ونتيجة فرض “قانون قيصر” تدهورت قيمة الليرة السورية مئات المرات، ولا تزال في تدهور مستمر، ما يجعل استثناء العقوبات عن المنطقة بمثابة “ورقة ضغط”، من قبل الإدارة الأميركية، قصدت منها تحقيق أهداف أخرى، بحسب مراقبون.

وسمحت وزارة الخزانة الأميركية بتنشيط قطاعات الزراعة والاتصالات والبنى التحتية للكهرباء والتمويل والطاقة النظيفة والنقل والتخزين وإدارة المياه والنفايات والخدمات الصحية والتعليم والتصنيع والتجارة، واستثنت التعاملات المتعلقة بالنفط.

وفور إعلان وزارة الخزانة الأميركية استثناء شمال شرقي سوريا من العقوبات، سارعت الإدارة الذاتية، بالتصريحات أنها ستصدر قانوناً للاستثمار، وقال سلمان بارودو الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية لنورث برس حينها، إن قانون الاستثمار حال إصداره “سيخلق جواً من الثقة للمستثمرين بعد أن أصبح بمقدورهم إنشاء مشاريع في شمال شرقي سوريا”.

لكن، بعد مضي خمسة أشهر، لم يصدر أي قانون حتى الآن، لذلك تواصلت نورث برس، مع المجلس العام في الإدارة الذاتية، لمعرفة المرحلة التي وصل إليها القانون، وكانت الإجابة أنهم “لم يُصدروا أو يدرسوا هكذا قانون”.

فاقم “قانون قيصر” وتدني القيمة الشرائية لليرة السورية، معاناة سكان منبج، وحميد الموسى (45عاماً) أحدهم، إذ أن رب العائلة المؤلفة من 7 أفراد، يجد صعوبة بتأمين معيشة عائلته، لا سيما وأنه يعمل ببيع الحشائش في أسواق المدينة.

ولا يتجاوز الدخل الذي يحققه الرجل 20 ألف ليرة، لا تكاد تغطي إيجار المنزل ومأكل وملبس عائلته، ويزيد معاناته ارتباط المواد الغذائية الأساسية في صرف الدولار.

ولذلك، بدأ “الموسى” في الآونة الأخيرة، التقسيط بالمواد التموينية كالزيت والسكر والشاي، ولجأ لشرائها بكميات محدودة.

إعداد: أحمد عبد الله – تحرير: زانا العلي