الحكومة السورية تتشدد في معالجة رفع الأسعار وتتجاهل الأجور المنخفضة
دمشق ـ نورث برس
يتهم بعض التجار، الحكومة السورية بالهروب من مسؤوليتها في تحسين الدخل عوضاً من العمل على الضغط على التجار لتخفيض أسعارهم إلى ما دون التكلفة، حسب رأيهم في بعض الأحيان.
في حين لا يُخفي بعض التجار ارتفاع الأسعار محلياً أكثر من سعر السلع ذاتها في دول الجوار، إضافة إلى ندرة وقلة الكميات الموجودة من البضائع.
وعدَّ بعض التجار أن لهذا أسباب عدة منها التكاليف غير المنظورة، وسياسة التحوط التي يعتمدها التجار خشية تراجع قيمة الليرة السورية أكثر.
عقوبات قضائية
الجديد في الأمر تدخل وزارة العدل في الحكومة السورية مؤخراً، وتعميمها على القضاة بضرورة التشدد في العقوبات المفروضة على المخالفين.
وهذا الواقع دفع الكثير من أصحاب الأعمال إلى تصفية أعمالهم في سوريا، وقدَّر أحد التجار عدد الشركات التي صفّت أعمالها بأكثر من 100 شركة.
وأضاف عضو في غرفة تجارة دمشق لنورث برس، أن الضغط باتجاه تخفيض الأسعار ليس السبب الوحيد لتصفية أعمال هذه الشركات، بل القصة “في طريقة التعامل مع سعر الدولار والسياسة الضريبية التي تعتمد مفعولاً رجعياً”.
ليس صائباً
أضاف صناعي حلويات في ريف دمشق لنورث برس، أن التدقيق والمتابعة أمر ضروري، ولكن التعامل مع أصحاب الفعاليات أو التجار وكأنهم متهمون دائماً أمر غير طبيعي.
وكذلك التعامل مع كل المخالفات بذات الميزان “ليس بالأمر الصائب” أيضاً، إذ أن عناصر التموين ينظمون ضبوطاً بأصحاب محلات مخالفاتهم بسيطة، وقد تنتهي بهم في السجن نتيجة تطبيق مواد من القانون رقم 8 لعام 2021.
تاجر مواد غذائية في دمشق وصف وضع الأسواق لنورث برس بـ”الصعب”، وقال إن المؤشرات عموماً “غير جيدة”، وأن هنالك شح واضح في المواد، وارتفاع أسعار غير مبرر، ونوعية سيئة في المواد.
ووصف التاجر التعديلات الحكومية في قطاع الأعمال بـ”غير المريحة” سواء القيود المفروضة على الدولار، أو نتيجة تراجع الربحية في قطاع الأعمال.
وأشار إلى أن نسبة الإنجاز “انخفضت كثيراً”, وأن هنالك ما يشبه “الموت البطيء” للشركات. ووصف هذا الحال بأنه “أخطر ما يمس العمل”.
منافسة لا إرغام
وقال إن السعي لتخفيض الأسعار من أرباح التجار فقط “غير منطقي”، لأن توفر المواد والمنافسة هو السبيل لتخفيض الأسعار وليس القرارات الإدارية والإرغام.
وأشار إلى أن التاجر لا يستطيع البيع بأقل من التكلفة وهامش ربح، لأن هذا يعني تأكل رأس ماله.
وذكر أن هنالك الكثير من التكاليف غير المنظورة وأقلها في النقل الذي تصل تكاليفه إلى نحو 20% من التكاليف العامة.
تُضرُّ المنتج والمستهلك
في حين أشار خبير اقتصادي لنورث برس، إلى أن سياسة التسعير التي تعتمدها الحكومة “لن تحمي المستهلك، وستضر كثيراً بالمنتج وبالاقتصاد لأنها تتسبب بهجرة الكثير منهم كما حصل وما زال يحصل حتى الآن والدليل إغلاق أكثر من 50 شركة خلال فترة قصيرة كما ذكرت وزارة التجارة الداخلية”.
وبين أن الأسلوب المتبع ونتائجه تتناقض مع سياسة تشجيع الاستثمار، وكذلك مع العمل على الخروج من الواقع الاقتصادي المتردي بتحسين الإنتاج وزيادة كمية المنتجات.
وأضاف المصدر أن عدم حل مشكلة الدخل المنخفض يسبب صعوبة في تسويق الإنتاج، وهذا بدوره يفاقم من مشاكله أيضاً.
وأشار المصدر إلى أن من يصفُّون أعمالهم في سوريا “هم من يمثلون جوهر الاقتصاد من إنتاج صناعي وليس خدمي، ويتركون الساحة لمن يعملون غالباً كواجهة لغيرهم من أصحاب النفوذ، أو ممن يشاركون أصحاب النفوذ في البلاد”.
بحضورهم
في حين ترى وزارة التجارة الداخلية، أن نشرة الأسعار التي تصدر كل 15 يوماً يدعى إليها كل الأطراف المعنية بالموضوع خاصة الممثلين عن غرف التجارة والصناعة.
وبين مصدر في الوزارة، لنورث برس، أن التسعير يتم وفق التكاليف الفعلية، ويحضره أصحاب الفعاليات من اتحاد غرف تجارة وصناعة، وأعضاء لجنة التسعير المركزية التي تضم ممثلين عن وزارة الاقتصاد والجمارك ومصرف سوريا المركزي وممثلين عن أصحاب الفعاليات.
وأشار إلى أن خطة الوزارة لهذه المرة “أكثر تشدداً” في علاج موضوع ارتفاع الأسعار، من خلال “تعقب موضوع الفواتير الوهمية التي يعتمدها التجار الكبار، بحيث تمكنهم من رفع الأسعار وحماية أنفسهم أيضاً، لتقع المسؤولية على التجار الصغار، وهذا ما تعمل الوزارة على علاجه”.