عمالة الأطفال بأجورٍ زهيدةٍ تنتشر في الحسكة وتبعدهم عن مقاعد الدراسة

الحسكة – دلسوز يوسف / جيندار عبدالقادر – NPA
تنتشر في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، ظاهرة عمالة الأطفال بشكلٍ لافتٍ، رغم بدء العام الدراسي الجديد، نتيجة تردي الوضع الاقتصادي، ونزوح الكثير من العوائل إلى المدينة ، الأمر الذي زجّ بهم في أعمالٍ لا تتوافق مع بُنيتهم الجسدية.
انتشار الظاهرة يأتي في وقتٍ، تنشط فيه العديد من المنظمات الإنسانية والمؤسسات المعنيّة بحقوق الطفل، ضمن المدينة.
أعمالٌ منهِكةٌ وأجورٌ زهيدةٌ
الطفل إبراهيم الأسعد (14) عاماً، من حي العزيزية بالحسكة، يعمل في المنطقة الصناعية، بعد أن ترك دراسته، قبل إنهاء المرحلة الإعدادية، يقول: "أنا أحب المدرسة لكني مُجبرٌ على العمل، فوالدي يعمل عتالاً وأنا أعمل لمساعدته".
وبالرغم من طبيعة عمله التي تفوق قدراته الجسدية، مقابل أجرٍ أسبوعيٍ زهيدٍ يبلغ /1500/ ليرة سورية (نحو دولارين ونصف)، إلّا أنّه يذكر بأنّه يعمل في سبيل إعانة أسرته مادياً.
فيما الطفل عبد اللطيف إبراهيم، الذي يبلغ من العمر /16/ سنة، من محافظة دير الزور، يعمل هو الآخر في المنطقة الصناعية، بعد أن نزح مع عائلته قبل عامين إلى الحسكة هرباً من الحرب.
ويقول عبد اللطيف: "أعمل كصوَّاج مقابل أجرٍ يوميٍ /1000/ ليرة سورية (نحو دولار ونصف)، كي أتمكن من إعالة أسرتي، فوالدي عاطلٌ عن العمل، وأسرتنا مؤلفة من /10/ أشخاص وأنا الابن البكر بينهم".
غياب الإحصاءات
إلى جانب المنظمات، تفتقر الإدارة الذاتية التي تدير مناطق شمال وشرقي سوريا، إلى مشاريعٍ لإيجاد حلولٍ، ولو جزئيةٍ لهذه الظاهرة.
إذ قال فرحان ميرزو، الإداري في لجنة الشؤون الاجتماعية التابعة للإدارة الذاتية في مقاطعة الحسكة، لـ "نورث برس"، إنّهم "بصدد إجراء احصائيةٍ عامةٍ حول أعداد المنخرطين في عمالة الأطفال".
وأوضح ميرزو أنّ الإحصائية ستشمل أيضاً الأطفال المتسولين على مستوى مقاطعة الحسكة (تقسيم إداري يضم مدينة الحسكة وصولاً لمدينة سري كانيه / رأس العين على الحدود التركية)، مشدّداً على أنّهم سيعملون وفقها "على وضع آليةٍ مناسبةٍ للحدِّ من هذه الظاهرة".
لا وجود لآلية عمل
وافتتحت المدارس للعام الدراسي الجديد /2019 – /2020 أبوابها أمام الطلبة قبل قرابة /10/ أيام، إلّا أنّ شريحةً محددةً من الأطفال غائبون عن المدارس، وهم المنهمكون في سوق العمل، في ظل ظروفٍ صعبةٍ، تثقل كاهلهم في سبيل إعالة أسرهم.
فيما يقول آزاد محمود الإداري في لجنة المدارس بمقاطعة الحسكة لـ"نورث برس"، إنّ الحرب السورية أثرت سلباً بشكلٍ كبيرٍ على الأطفال، فالكثير من المناطق تدمّرت مدارسها بشكل كلي، بالإضافة إلى عمليات التهجير بسبب الحرب.
ولفت إلى أنّه "توجد شريحةٌ لا بأس بها من الطلبة، كبارٍ في العمر، يدرسون المراحل الأولى بعد ابتعادهم عن الدراسة لسنواتٍ، وهذه العوامل كلها ستعود سلباً على مستقبل الأطفال".
وبيَّن محمود أنّهم لا يملكون في الوقت الحالي، آلية عملٍ معينةٍ لإعادة الأطفال المنخرطين في سوق العمل، ومن امتهنوا التسوّل، إلى مقاعد الدراسة، مشيراً إلى أنّهم سيعملون لإيجاد حلولٍ لهذه الظاهرة في المستقبل القريب.
يُذكر أن منظمة (يونيسيف) المعنية بالتربية والتعليم، قد أعلنت في آخر تقرير لها حول تعليم الأطفال أن /2.1/ مليون طفل سوري يعيشون خارج مقاعد الدراسة في سوريا، بينما قدَّرت عدد المتسربين من المدارس من أطفال سوريا في دول الجوار التي لجأوا إليها بنحو /700/ ألف.