بحث بلا أثر.. أب مكلوم فقد ولديه في الرقة

الرقة – نورث برس

فقد عبد العزيز الأمل بعودة ولديه، بعد أن بحث عنهم في المستشفيات والسجون، لكن دون أي أثر، يقول: “بعد كثرة بحثي وانقطاع أي خبر عنهم منذ أن غادروا المنزل، بتُ متيقناً أنهم توفوا، لكني أخاف من ذلك، أحاول أن أقنع نفسي أنهم أحياء”.

عبد العزيز الحمود (68عاماً) من سكان الرقة، فقد ولدين من أولاده، أحدهما اختفى أواخر العام 2015، على طريق الحسكة والرقة، كان يتنقل بين المدينتين بغرض التجارة، إلا أن قذيفةً استهدفت سيارته وكان يرافقه ابن عمه وزوج أخته.

ولم يدري “الحمود” بالحادثة إلا بعد مضي تسعة أيام، “ذهبنا إلى الحسكة، وفي إحدى المشافي وجدنا ابن عمي، وكانت يده مقطوعة، سألنا عن البقية قالوا في السيارة، حين ذهبنا للسيارة وجدنا زوج ابنتي قد فارق الحياة جراء الاستهداف، أما ابني لم أعثر عليه”.

بحث الرجل طويلاً عن ابنه في السجون والمشافي، لكن لم يعثر على أي أثر له، “طالما رغبت بالعثور على أي أثر عنه، على الأقل أعرف مصيره، وليهدأ قلبي وقلب والدته، لا أدري هل هو على قيد الحياة أم ميت، جائع، عريان”، ويقول إن ناراً تلهب في أحشائه.

بلا أثر

لدى الرجل ثلاثة أبناء ذكور، فقد اثنين منهم وبقي الثالث يعينه، “لم يبقَ من أولادي سوى واحد فقدت السند، فقد الأولاد بمثابة قصم الظهر، أتمنى أن أحصل ولو على أثر أو خبر عنهم”.

“الحمود” فقد ابن آخر، في موجات النزوح، جراء المعارك التي دارت في مدينة الرقة، وانتهت بطرد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عام 2017، بحملة عسكرية شنتها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، بمساندة التحالف الدولي.

يقول الأب المكلوم، إن ابنه فُقد في مدينة الرقة، حين دخلت “قسد” الرقة، وكان يرافقه شاب آخر، إذا عادوا بعد النزوح لقرية كسرة شيخ الجمعة، ليطمئنوا على منازلهم لكنهم لم يعودوا، كذلك لم يعثروا على أي أثر لهم، سواء في السجون أو في المقابر الجماعية.

في الثامن والعشرين من شباط/ فبراير من 2018، اكتشف فريق الاستجابة الأولية، أول مقبرة جماعية في الرقة، في ملعب الرشيد قريب دوار النعيم وسط المدينة، ووثق هذه الجثث ثم أخذ عينات منها، بحسب الفريق.

مقابر جماعية

ولاستخراج الجثث من المقابر الجماعية، تأسس فريق الاستجابة الأولية التابع لمجلس الرقة المدني في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2017، إلا أنه بدأ بالعمل في التاسع من كانون الثاني/يناير عام 2018.

منذ أواخر 2017، وحتى اليوم، عثر على 28 مقبرة جماعية في مناطق متفرقة في الرقة وريفها، بحسب الاستجابة الأولية في الرقة.

وفي تصريح سابق، قال ياسر الخميس، قائد فريق الاستجابة الأولية في الرقة، إن أغلب الجثث المنتشلة من المقابر الجمعية مجهولة الهوية لعدم وجود جهاز لفحص الحمض النووي (دي إن أي).

وتقوم لجنة الطب الشرعي، بأخذ عينات لحفظها وتوثيقها من أجل فحص الحمض النووي، وإرسال هذه العينات إلى خارج البلاد للتمكن من معرفة بعض الجثث، بحسب “الخميس”.

وكان فريق الاستجابة الأولية في الرقة طالب الدول المانحة والمنظمات الدولية بالحصول على جهاز فحص الحمض النووي مع طاقمه الفني، “تلقينا عدة وعود لم يتم تنفيذ أي شيء منها”، بحسب “الخميس”.

وأضاف أن غالبية الجثث في المقابر الجماعية دُفنت تحت إشراف عناصر “داعش” وبطريقة همجية بهدف التخلص من الجثث للأشخاص الذين قد اعتقلهم سابقاً وقاموا بتصفيتهم.

وفي نهاية آب/ أغسطس الماضي، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، غير بيدرسن، إن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أطلق دراسة حول تعزيز الجهود لكشف مصير المفقودين في سوريا وتحديد هوية الرفاة ودعم عائلات المفقودين.

وبغصة يروي الأب المكلوم قصة شقيقة زوجته، “فقدت ابنها أيضاً، لكن في نهاية المطاف وبعد بحث طويل، استطاعوا الوصول إلى أن ابنهم مسجون في أحد معتقلات النظام”.

ولكنه يستدرك ويقول: “والله بهل خبر ارتاحم، على القليلة عرفوا أنو ابنهم عايش”.

إعداد: فياض محمد – تحرير: زانا العلي