إتاوات تحت مسمى “الزكاة” وكاميرات مراقبة تثقل كاهل مزارعي الزيتون في إدلب
إدلب ـ نورث برس
باتت أشجار الزيتون كحطب أفضل من استخدامها في ظل وجود الجولاني، بهذه الكلمات عبر عبد الرحمن كبيسي (47 عاماً) وهو صاحب حقل للزيتون في بلدة بنش شمال إدلب، عن يأسه من الجهود والتكاليف التي يتكبدها للعناية بأشجار الزيتون وقطافها.
وتبلغ مساحة الأرض الزراعية 20 هكتاراً زرعها “كبيسي” بالزيتون، وجهد في رعايتها والعناية بها من حراثة وسماد وري وأدوية زراعية، كل ذلك على نفقته الخاصة، “دون أن تقدم هيئة تحرير الشام أي دعم لي”، يقول الرجل لنورث برس.
ويضيف “كبيسي”: “وبعد كل العناء، تأتي ضرائب وإتاوات هيئة تحرير الشام، وتقضي على ما جنته يداي من ربح كان من المتوقع أن يساعدني في تغطية ديوني وتكاليف المعيشة”، يقول “كبيسي” لنورث برس.
وسعياً منه كغيره من المزارعين، لتحسين معيشته من الأرباح المتوقعة من موسم الزيتون، سارع علاء أبو بلال (31 عاماً)، وهو صاحب حقل زيتون في بلدة أريحا جنوبي إدلب، لجني ثمار الزيتون لترويج محصوله في المعاصر أو الأسواق.
صدمة كبيرة
لكن قرار هيئة الزكاة في “تحرير الشام” باقتطاع 5% من قيمة المحصول شكل صدمة كبيرة لهم، رغم الارتفاع الكبير في أسعار الزيتون أساساً في أسواق إدلب.
يتحدث حج يوسف السيد، وهو أحد تجار الزيت في سوق معرة مصرين شمالي إدلب، عن العوائق “الكبيرة” التي تنتظر إنتاجية زيت الزيتون هذا الموسم، عقب العراقيل الكبيرة التي وضعتها هيئة تحرير الشام أمام المزارعين والتجار.
ويقول لنورث برس: “الزكاة المفروضة يتم تحميلها في نهاية المطاف على المستهلك مما سيرفع سعر صفيحة زيت الزيتون هذا العام من 50 دولار تقريباً ( سعر الصرف 5065 ليرة سورية تقريباً للدولار الواحد في إدلب)، إلى ما يقارب ال55 – 60 دولار.
ويشير “السيد” إلى أن هذا الأمر سيعرقل عملية تسويق الإنتاج “لاسيما وأن التصدير محصور بالجمعية التركية المتخصصة بشراء زيت الزيتون وإدخاله لتركيا”.
ومما زاد من الأمر تعقيداً، هو فرض هيئة الزكاة التابعة للجولاني، على أصحاب المعاصر تركيب كاميرات مراقبة، على حسابهم الخاص، بواقع كاميرتين داخليتين وواحدة خارجية.
كما عينت فرقاً مختصة في مراقبة المعاصر من ناحية أسماء المزارعين والتجار الراغبين بعصر محاصيلهم، على أن تسجل كمية الزيتون قبل العصر وكمية الشوائب وحجم الزيت الناتج بدقة تحت طائلة المحاسبة القانونية للمخالفين من أصحاب المعاصر، بحسب ما أفاد برهان المعراوي، صاحب معصرة المعراوي في بلدة حارم الحدودية شمال غرب إدلب، نورث برس.
وتضم منطقة إدلب الخاضعة لسيطرة “تحرير الشام”، 15 معصرة قيد العمل و7 في طور التجهيز، بحسب “المعراوي”.
“اغتصاب أرزاق”
ويضيف: “لكن التضييق الذي يمارس على أصحاب هذه المعاصر هذا الموسم، يعكس مدى رغبة الهيئة في اغتصاب أرزاق السكان في كافة المجالات دون أن تقدم الدعم لأي قطاع منها، لا سيما وأن تكاليف العصر هذا العام تتجاوز الـ10 دولار لصفيحة زيت الزيتون (16 كغ) يتحملها صاحب المحصول أو التاجر”.
ويقول أبو خالد الشمري وهو أحد إداريي هيئة الزكاة، لنورث برس عبر تطبيق الواتس آب، إنه “تم إبلاغ الجهات المختصة وكافة أصحاب المعاصر والمزارعين بضرورة الالتزام بمعدل 5% من قيمة المحصول الإجمالية تقتطع من صاحب المحصول أو التاجر، ويتم إيداعها في خزانة الزكاة الموجودة في بنك الشام التابع للهيئة”.
ويضيف: “بالنسبة لمعدل الزكاة المفروض لا يعتبر مرتفعاً قياساً بالضرائب والإتاوات التي تفرضها فصائل الجيش الوطني في جرابلس وأعزاز وعفرين على محاصيل الزيتون دون مسوغ شرعي أو قانوني”.
وبحسب حسام الأغا، وهو أحد موظفي مديرية الزراعة في إدلب، يعتمد 70 بالمئة من سكان إدلب على محاصيل الزيتون، كمصدر رزق رئيسي لهم.
ويقول لنورث برس: “لكن فترة سيطرة المعارضة عموماً وهيئة تحرير الشام خصوصاً كانت كفيلة بتدهور الإنتاجية بأكثر من 50% وعزوف المئات عن زراعة أراضيهم لعجزهم عن تكاليف الزراعة، من محروقات وأسمدة ومبيدات حشرية، من جهة وامتناع الهيئة عن دعم هذا القطاع الذي بات مقيداً بالإتاوات والضرائب التي تفرض تحت مسمى الزكاة”.