السرقات تطال أشجار الزيتون المثمرة لأول مرة في درعا

درعا ـ نورث برس

لم يكن يتوقع محمد الكراد، (48 عاماً) وهو أحد سكان مدينة درعا جنوبي سوريا، في يوم من الأيام أن تطال السرقات أشجار الزيتون المثمرة، عبر قطعها بشكل كلي باستخدام المناشير التي تعمل على البنزين.

وقبل عشرة أيام، ذهب “الكراد” ليتفقد أشجار الزيتون في أرضه، الواقعة في محيط مدينة درعا، والبالغ عددها 200 شجرة، لكنه تفاجأ بأن أكثر من 40 شجرة كانت قد سرقت بشكل كامل.

وما أثار دهشته، كغيره من سكان المحافظة، هو أنهم اعتادوا خلال السنوات الماضية على سرقة ثمار الزيتون عبر أشخاص مجهولين، “لكن سرقت الجمل بما حمل، في إشارة إلى الشجرة وثمارها، لم تكن تخطر على بال أحد”.

وأشار “الكراد” في حديث لنورث برس، إلى أن عملية سرقة الأشجار جاءت “طمعاً في أحجامها الكبيرة ليتم تقطيعها وبيعها حطباً، إذ يصل عمر الشجرة إلى ما يقارب 35 عاماً”.

وقال إن الشجرة الواحدة كانت تحمل من ثمار الزيتون سنوياً ما لا يقل عن 25 كيلو غرام، رغم قلة الاهتمام بها.

واعتاد المزارعون في درعا على جني موسم الزيتون بعد منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام.

“خسرت هذا الموسم واحد طن من ثمار الزيتون تقريباً، ما يعادل 13 صفيحة زيت زيتون”، يقول المزارع.

ووصل سعر صفيحة زيت الزيتون (16 كيلوغراماً)، في أسواق محافظة درعا مؤخراً إلى ما يقارب من 325 ألف ليرة سورية، بحسب سكان.

وخلال السنوات الأخيرة، انتشرت في محافظة درعا عمليات السرقة في ظل الفلتان الأمني وعدم وجود جهة تعمل على ملاحقة اللصوص ومحاسبتهم.

وطالت عمليات السرقة الممتلكات العامة والخاصة، وكان من أبرزها الأسلاك الكهربائية التي تتواجد تحت الأرض وحديد أسقف الأبنية الحكومية التي كانت قد تعرضت للقصف خلال سنوات ماضية.

وتعرض رضوان العمري، (54 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة درعا، لسرقة أكثر من 70 شجرة زيتون من مزرعته التي تتواجد في منطقة المفطرة على الطريق الواصل بين مدينة درعا ومدينة طفس غربي المحافظة.

كما تم سرقة محتويات الغرفة التي توجد في المزرعة من نوافذ وأبواب.

ووجه “العمري”، أصابع الاتهام إلى عناصر القوات الحكومية الذين يتواجدون في المنطقة. إذ تعتبر المفطرة منطقة عسكرية تحتوي على العديد من النقاط العسكرية، المتمركزة فيها منذ بداية الاحتجاجات في عام 2011.

وأشار إلى أن عناصر القوات الحكومية “قد لا يكونوا هم من قطع الأشجار، لكن سهَّلو للصوص العملية من خلال أخذ مبلغ مالي للتغاضي عن تصرفهم”.

وتسببت عملية السرقة بخسائر لـ”العمري”، وصفها بـ”الكبيرة” بسبب حاجته لزراعة أشجار بديلة عن التي سرقت، إذ قدّر تكلفة خسارته بأربعة ملايين ليرة سورية.

وأعرب عن اعتقاده في أن “عملية سرقة كهذه تحتاج على الأقل لعشرة أشخاص وسيارات لنقل الأشجار بشكل سريع لمناطق بعيدة للعمل على تقطيعها وبيعها مستغلين اقتراب فصل الشتاء”.

ووصل سعر الطن الواحد من الحطب إلى مليون ومئتي ألف ليرة سورية، بحسب “العمري”.

وقصد “العمري”، مخفر الشرطة في منطقة الضاحية القريبة من مزرعته التي سرقت أشجارها، لتقديم شكوى بخصوص السرقة بهدف إلقاء القبض على الفاعلين.

وعند سؤال الضابط المناوب عن “إذا كنت أشك في أحد. أخبرته بأن يسأل عناصر النقطة العسكرية القريبة من المزرعة، من المؤكد بأنهم شاهدوا من دخل إلى المزرعة وسرقوها”.

وأضاف المزارع لنورث برس: “ما كان من الضابط إلا أن وعد بالعمل على متابعة القضية. مع أنني متأكد بأن القضية لن يتم أخدها في عين الاعتبار”.

وبحسب إحصائيات قديمة لمديرية زراعة درعا، فقد تجاوزت المساحة المزروعة بالزيتون في المحافظة قبل أحد عشر عاماً، 29.731 هكتاراً.

عبد المجيد سلوم (60 عاماً) وهو أحد وجهاء مدينة درعا، كشف عن أكثر من 20 شكوى من سكان المنطقة خلال الأسبوعين الأخيرين، تتعلق بسرقة أشجار الزيتون.

وأشار في حديث لنورث برس، إلى أن هذه الشكاوى تم توجيهها لوجهاء المحافظة لإيجاد حل لها “في ظل عجز القوات الحكومية في المنطقة عن ضبط الأمن”.

ولكنه أضاف: “وجهاء المدينة لا يملكون القوة لملاحقة اللصوص، إلا أنه تم العمل على زيارة عدة مزارع من التي تعرضت للسرقة للاطلاع على الخسائر”.

ومن الإجراءات التي تم اتخاذها في البحث عن السارقين، أنه “تم استدعاء تجار الحطب في مدينة درعا، وسؤالهم عما إذا كان قد عرض عليهم شراء حطب من أشخاصٍ خلال الآونة الأخيرة، في سبيل التوصل إلى اللصوص، لكن دون أي نتيجة”.

وعادة ما يتم بيع الحطب المسروق في محافظات أو مناطق تبعد عن مكان سرقته، بحسب سكان في المحافظة.

وجرت العادة أن يقوم أصحاب المزارع بحراستها ليلاً بالتزامن مع موسم قطاف ثمار الزيتون، “لكن من الصعب أن يتم حراستها على مدار العام، في ظل انتشار عملية سرقة الأشجار التي لم تكن تخطر على بال أحد”، بحسب “سلوم”.

إعداد: مؤيد الأشقر ـ تحرير: قيس العبدالله