أحياء حلب القديمة…تراث عالمي دخل خطة إعادة إعمار أبقت على دمارها وأثارت حفيظة ساكنيها

حلب – سام الأحمد – NPA
رغم مرور ثلاث سنوات على إخراج مقاتلي المعارضة المسلحة من أحياء حلب القديمة، ما زالت مشاهد الدمار والأنقاض المبعثرة هي سيدة الموقف في هذه الأحياء، التي أدرجتها منظمة اليونيسكو قبيل الحرب على لوائح التراث العالمي.
الأحياء التي وقفت في الماضي شاهدة على إبداع الحضارات المتعاقبة، التي مرت على حلب، تقف اليوم شاهدة على قسوة الحرب التي أحالتها إلى ركام.
إعادة بناء أحياء حلب القديمة، أدرجت ضمن خطة سيتم تنفيذها تدريجياً بالتعاون مع المنظمات الأممية، لا سيما منظمة التعليم والعلوم والثقافة (يونيسكو).
كذلك أكدت مصادر حكومية لـ"نورث برس" أن خطة إعادة الإعمار كانت بدايتها ترميم المسجد الأموي الكبير الواقع إلى الغرب من قلعة حلب، إلا أن تلك الخطة تسير ببطء شديد، "لاعتبارات شتى"، كما يقول المهندس المعماري محمد توفيق العقاد، لـ"نورث برس".
إذ أن عمليات التأهيل والبناء في هذه الأحياء ستكون وفق مخططات مدروسة ودقيقة، بإشراف مديرية الآثار والمتاحف، ويضيف العقاد أنه "يجب أن يأخذ كل حجر مكانه الصحيح في الأبنية والأرصفة في هذه الأحياء الموغلة في القدم"، على حد وصفه.
وعلى الرغم من الدمار وحجم الخراب وقلة الخدمات في أحياء حلب القديمة، إلا أن مئات العوائل لا تزال تقطن هذه الأحياء، ولم تخرج منها مطلقاً، رغم المعارك الضارية التي دارت رحاها في هذه الأحياء بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات الحكومة السورية.
كما أن "نورث برس" رصدت أحياء الجلوم وباب المقام وباب الحديد والأصيلة، ووجدت أنها لا زالت تضم الكثير من العوائل الحلبية، التي حالفها الحظ وبقيت بيوتها ومنازلها، بمنأى عن الدمار والتخريب".
فيما قال محمد دوك قباني من سكان حي الأصيلة جنوب قلعة حلب، لـ"نورث برس": لم نستطع ترك بيتنا الذي توارثناه منذ القدم، أباً عن جد، فرغم الخطر الذي كان محدقاً بنا، قررنا البقاء في المنزل وعدم هجرانه، والآن نعيش حياة طبيعية، في ظل الظروف المستقرة التي نعيشها في حلب".
أما عبد الله خياطة من سكان حي باب المقام، والذي جاء لتفقد منزله الذي دمر بشكل كبير، قال لـ"نورث برس"، إنه خرج من الحي بسبب "ممارسات العناصر المسلحة التابعة للمعارضة بعد اتهامهم لي بالتعامل مع الحكومة السورية، بسبب خدمة ابني الإلزامية في صفوف قوات الجيش السوري".
وعبر خياطة عن صدمته بحجم الدمار الذي حل بمنزله عقب خروج فصائل المعارضة من حلب قبل نحو /3/ سنوات.
وأوضح أن قدرته المالية لا تمكنه من إعادة إعمار المنطقة، حيث تتطلب منه موافقات أمنية وأخرى إدارية، نظراً لأهمية الحي التاريخية.
وتحدث سكان لـ"نورث برس" أن إعادة الإعمار التدريجية التي انطلقت بجهود أهلية في بعض الأحياء الشرقية في حلب، لا تنطبق على أحياء حلب القديمة، إذ أن هذه الأحياء تخضع لإشراف مباشر من جهات حكومية سورية عدة بالتنسيق مع اليونيسكو.
كما أشار مهتمون في مجال الأبنية التاريخية، أن إعادة الإعمار تتطلب عملا دقيقا ومبالغ مالية ضخمة، وربما تستغرق سنوات، إلا أن هذه المدة ستبقي على هذه الأحياء التراثية في حالة الدمار والخلو التي باتت تميزها. كما أن الكثير من سكان هذه الأحياء اتخذ من الأحياء الغربية لحلب، مسكناً له أو حتى رحل إلى دول الاغتراب.
ويرى قاطنو هذه الأحياء أن خطة إعادة إعمار هذه الأحياء لن تنجح دون عودة أهاليها، لا سيما الحرفيون من أصحاب الخبرات في عملية التأهيل، وبناء هذه المناطق الموغلة في عمق التاريخ، والمتربعة على عرش التراث السوري.