“المَحَج الماروني”.. موقع أثري بعفرين من مقصدٍ للحجاج إلى تدميرٍ وتخريب
حلب- دجلة خليل- NPA
تعرّض الموقع الأثري "المَحَج الماروني" في قرية براد /18/ كم جنوبي مدينة عفرين شمالي البلاد, لعمليات حفرٍ باستخدام الجرافات الثقيلة من قبل تركيا وفصائل المعارضة السورية المسلّحة التابعة لها, وذلك للكشف عن الكنوز واللُقى الأثرية وإخراجها إلى تركيا.
وفي تسريباتٍ لعدة مقاطع فيديو حصلت عليها مديرية الآثار التابعة للإدارة الذاتية, تظهر فيها أثار الحفر العشوائي والتخريب التي تعرّض لها الموقع الاثري بُغية البحث عن الآثار.
وتُعتبر قرية براد من أكبر القرى الأثرية في سوريا ويعود تاريخها إلى الفترة الرومانية والقرنين الثاني والثالث الميلاديين، وتضم مدفن مؤسّس الطائفة المارونية القديس مار مارون "شفيع الموارنة" في لبنان والمشرق والعالم، حيث أصبحت القرية قبل الأزمة السورية موقعاً دينياً يتوافد إليه الحُجاج من لبنان سنوياً، للاحتفال بعيد القديس مار مارون, إضافةً لوجود معبدٍ وعدة قبورٍ صخريةٍ.
وحول ما تعرّض له "المَحَج الماروني" من تنقيبٍ غير منهجي وعلمي, قال صلاح سينو، خبير أثري وإداري في مديرية الآثار التابعة للإدارة الذاتية لـ"نورث برس" إنّ "تركيا والفصائل التابعة لها تستخدم الآليات الكبيرة, في عمليات الحفر بهدف سرقة المُقتنيات واللُقى الأثرية", مشيراً إلى أنّ عمليات الحفر تؤدي إلى تخريب صفحات التاريخ البشري بمنطقة عفرين وضياع معلوماتٍ تاريخيةٍ حول الحقب الزمنية.
ونوّه سينو إلى أنّ هذه "ليست المرة الأولى التي نحصل فيها على دلائل تُدين المجموعات المسلّحة والانتهاكات التي تتعرض لها المواقع الاثرية بمنطقة عفرين"، لافتاً إلى أنّ الفصائل التابعة لتركيا "عمدت إلى إزالة وهدم أجزاء أثرية كبيرة من المَحَج الماروني، بالإضافة إلى سرقة الصالة الحديثة (كنيسة) التي تم انشاؤها من قبل الطائفة المارونية عام 2010".
وحول تعارض هذا العمل مع القيم والمواثيق الدولية، بيّن سينو أنّه "بحسب المعاهدات والاتفاقيات الدولية فأنّه لا يحق لدولةٍ توغلت إلى داخل أراضي دولةٍ أخرى، القيام بحملات تنقيبٍ وبحثٍ عن الآثار تحت أي بند من البنود"، مبيّناً أن الدولة التركية تتحمل المسؤولية الكاملة لما تتعرض له الآثار بمنطقة عفرين.
وأشار سينو إلى أنّ الدولة التركية قامت بترميم وتجديد معلمين أثريين يعودان للفترة العثمانية في موقع النبي هوري بمنطقة عفرين, بينما تقوم بتخريب وتدمير ونهب آثار الحضارات التي لا تبعد عن ذلك الموقع بـ /100/ متراً، والتي تُعتبر أقدم من الحقبة العثمانية بآلاف السنين, "وهذا دليلٌ على اتباع السلطات التركية لسياسة التغيير الديمغرافي في المنطقة".
وأشارت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة للحكومة السورية في تموز/يوليو الماضي إلى قيام تركيا بحفر مواقع عفرين الأثرية المسجّلة على قائمة التراث الوطني، كتل برج عبدالو وتل عين دارة وتل جنديرس وموقع النبي هوري، لإخراج اللُقى الأثرية والمنحوتات التي تختزنها هذه التلال والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين.
وأكّدت المديرية في بيان لها أنّ الصور التي وصلت من المنطقة تظهر العثور على تماثيلٍ ومنحوتاتٍ نادرةٍ تؤرَّخُ إلى الألف الأوّل قبل الميلاد وإلى العصر الروماني, مشيرةً إلى أنّ عملية التجريف تؤدي إلى دمار الطبقات الأثرية.
وتقوم تركيا مع فصائل المعارضة المسلّحة منذ سيطرتها على منطقة عفرين في 18أذار/مارس العام الماضي بعمليات حفرٍ واسعةٍ في أراضي عفرين بهدف التنقيب عن الأثار وإرسالها إلى الأراضي التركية, إضافة إلى استهدافها بشكل مباشر للمواقع الأثرية أثناء شنها الحملة العسكرية على المنطقة في 20 كانون الثاني/يناير العام الماضي.