أطفال ولدوا في مخيمات النزوح لم تبصر أعينهم أزقة سري كانيه
الحسكة – نورث برس
تحت خيمة تفتقر لأغلب مقومات المعيشة، تلهو الطفلة الصغرى مع شقيقتها الكبرى بألعاب بسيطة بالقرب من والدتهم التي ترسم على وجنتيها ابتسامة خفيفة وهي تنظر بتمعن لهن.
بعد النزوح من قريتها مريكيس بريف سري كانيه بثلاثة أشهر فقط، وضعت أمكين شكري(30 عاماً)، طفلتها الصغرى في مخيم سري كانيه، شرقي الحسكة، دون أن تبصر الحياة في كنف مدينتها.
تقول “شكري” وهي أم لأربعة أطفال، “طفلتي لا تعرف شيئاً عن القرية أو المدينة، عكس أطفالي الآخرين الذين يتذكرون كل شيء عن الماضي”.
في هذه الأثناء تقاطعها طفلتها الكبرى وتقول: “قريتنا يحتلها الجيش الحر ولا نستطيع العودة إليها، سيقتلوننا إن عدنا”.
وتسعى السيدة الثلاثينية عبر الصور والحديث ، أن تخبر طفلتها الصغرى بأن لهم منزل في قريتهم، إلا أنها لصغر سنها لا تعي جيداً معترك الحياة التي عاشها باقي أفراد أسرتها، أثناء الحرب على سري كانيه ومعاناة النزوح.
ويصادف التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر، الذكرى السنوية الثالثة للعملية العسكرية التركية برفقة فصائل معارضة موالية ضد سري كانيه وتل أبيض.

العملية التي أجبرت عائلة “شكري” ونحو 300 ألف شخص على ترك منازلهم، توجه كثير منهم آنذاك لمخيمات أنشأتها الإدارة الذاتية أو لمراكز إيواء، بينما توزع آخرون في مدن وبلدات شمال شرقي سوريا.
لكن صعوبة الحياة في المخيمات بعيداً عن أصدقاء القرية واللعب في الواحات الفسيحة، تدفع أطفال “شكري” لسؤالها باستمرار “متى سنعود لمنزلنا؟”.
وتقول الأم بينما تلتفت لأطفالها بين الحين والآخر، “لقد أصابنا اليأس من المعيشة هنا ونريد العودة بأقرب وقت للقرية ولا نريد البقاء هنا لفترة أطول من ذلك”.
ورغم غياب إحصائيات دقيقة لعدد الأطفال الذين ولدوا في مخيمات النزوح من سكان سري كانيه في شمال شرقي سوريا، إلا أن التقديرات وفق المسؤولين تشير لولادة ما لا يقل عن 1000 طفل خلال السنوات الثلاث الماضية، بعيداً عن ديارهم.
وتسعى الأمهات تحت خيام يكسوها الغبار، للحديث باستمرار لأطفالهن وإظهار الصور لمنازلهن ومدينتهن، بأن لهم مأوى أفضل من هذه الخيام، إلا أنهم لا يستطيعون العودة حالياً.
وفي خيمة مجاورة لسابقتها، تهز عزيزة مستو (32 عاماً)، نازحة من مدينة سري كانيه، طفلتها الصغيرة في سريرها التي ولدت قبل نحو عامين في المخيم.
وتشير “مستو” إلى أن أولادها الصغار، لا يعرفون شيئاً عن مدينتهم، “أولادنا أبصروا على هذه الحياة لم يروا سوى الخيام والأوحال”.
وتضيف وهي أم لخمسة أولاد، “عندما نقصد مدينة الحسكة، يسألون: لماذا منازلهم هكذا ونحن نعيش في الخيام؟”.
وكما غيرها من النسوة، تعمد السيدة الثلاثينية، لتصوير مدينتها في مخيلة أطفالها من خلال إظهار الصور لهم عبر الأجهزة، لئلا ينسون ماضٍ لم يروا منه شيئاً.
وتكبدت العائلات النازحة من المنطقتين في المخيمات، معاناة كبيرة في تربية أطفالهم وسط ظروف معيشية صعبة، إلى جانب التعليم.
وعلى غرار سابقاتها، وضعت سناء خليف (34 عاماً) التي نزحت من قريتها أم الخير بريف سري كانيه، طفليها في مخيم واشوكاني الواقع بالقرب من قرية توينة شمالي الحسكة.
وتشير إلى أن أطفالها دائماً يستفسرون “هل هذا بيتنا؟”، إلا أنها تسعى للشرح لهم بأن لديهم منزل آخر لكن لا يستطيعون العودة بسبب الحرب.
وتؤكد النسوة بأنهم يتشوقون كثيراً للعودة “ليرى أطفالنا عيشة هنيئة بعيداً عن أجواء المخيمات”.