سكان اللاذقية… جيران البحر يشتكون معاناتهم من انقطاع المياه
اللاذقية – عليسة أحمد – NPA
تعيش مدينة اللاذقية عطشاً، رغم أنَّها تعوم على آبار من المياه الجوفية والينابيع الغزيرة، فلا يُسعفها شتاء في تفادي الأزمة، ولا ترتوي صيفاً من مياه ما تخزّنه أرضها.
فالمدينة الساحلية الواقعة غربي سوريا، تعيش مرارةَ انقطاع المياه لفتراتٍ طويلةٍ في كل المناطق دون استثناء، من ريفٍ ومدينةٍ، ويعيش أهلها تقنيناً غير منظم في فترات متفاوتة من اليوم، بسبب غياب المياه لساعاتٍ طويلةٍ وعدم وصولها إلى خزاناتهم.
هذا الوضع فرض عليهم أن يعيشوا تقنيناً إجبارياً وقلقاً، إضافةً إلى وقت يقضونه بين المنزل والأسطح بانتظار المياه.
يقول الأهالي في اللاذقية لـ"نورث برس" أنَّ المياه قد تغيب لأيامٍ دون معرفة أو تحديد السبب، وقد لا تأتي حتى ولو كانت المنطقة تقع في منطقة سهلية، فكيف بحال القرى التي تتموضع على مناطق جبلية!.
ورغم تطمينات مؤسسة المياه حول وضع المياه، ونفي حالات الاختناق، وحصر المشكلة بالأعطال، أو سوء التمديدات، إلاَّ أنَّ الشكاوى لم تتوقف وعطش الأهالي لم يُروى، ووضع المياه لا يزال في تدهور.
انقطاع المياه والتقنين، وفق ما رصدته "نورث برس"، أجبر السكان على شراء المياه، ما تسبب لهم بإرهاق مادي ومعنوي هم بغنى عنه، وبخاصةٍ أنَّ اللاذقية شهيرة بالينابيع ومصادر المياه، فيما أكَّد الأهالي أنَّ هذه المرة الأولى التي تُرهق تفكير سكان اللاذقية مشكلة المياه إلى هذه الدرجة.
يروي هيثم حسن القاطن في منطقة كسب الجبلية، أنَّه عانى مع أبناء منطقته من انقطاع المياه، الأمر الذي أثر على يومياتهم، وحتى على وضعهم النفسي، إذ يقول هيثم لـ"نورث برس" إنَّه عادةً يقضي فترة الصيف في بلدته، ولكن انقطاعُ المياه عكّر صفو عطلته، ما دفعه للعودة إلى منزله في مدينة اللاذقية، لحين عودة المياه لما كانت عليه.
فيما استغرب هيثم من الأعطال المستمرة التي تصيب خطوط استجرار المياه، رغم السرعة في الاستجابة لإصلاح الأعطال.
"لكن الحال الآن ليس كما كان عليه في الصيف الماضي"، وفق هيثم، معتبراً هذا الصيف هو الأسوأ من حيث توفر المياه، الذي وصفه بأنَّه لم يرى المياه لا بالمدينة ولا بالمصيف.
كما اشتكت أحلام سليم وهي ربة منزل تقطن حي الصليبة لـ"نورث برس"، الواقع في قلب مدينة اللاذقية من غياب المياه لأيام، مضيفةً "عندما تأتي لا تصل إلى بيوتنا الا بشكل متقطع، نحتاج معه ساعات طويلة لامتلاء الخزانات الأمر الذي قد لا يتم بسبب قصر وقت وفرتها وتواتر في كميات تدفقها"
وتقول أحلام أنَّها تعيش حالة قلق بسبب انقطاع منزلها عن المياه التي وصفتها قائلة "لم نسعد بها طوال فترة الصيف الذي مر علينا ثقيلاً، ولم نشعر برطوبته"
كذلك تحدَّثت بأنَّها مجبرةُ على شراء عبوات المياه، مبررة تحملها هذا الوضع، لكون حيُها ليس الوحيد الذي يشتكي غياب المياه، وأنها تواصلت مع مناطق متفرقة من الريف والمدينة، وكان الحال واحداً بالنسبة للمياه، وتمنت ألاّ يستمر الوضع أطول من ذلك.
أما "أبو علي" المُسّن الذي عرَّف عن نفسه بهذا الاسم، تعب من انتظار المياه ليعبّئ خزانات منزله في الريف، مؤكّداً لـ"نورث برس" عدم وصول المياه إلى المنازل إلاّ كل عشرة أيام.
وأردف بأنَّ مع هذا الوضع يضطر الأهالي للاستعانة بصهاريج ترسلها مؤسسة المياه، لإرواء القرية، وسد النقص الحاصل فيها، حيث لا تسد هذه الصهاريج كل حاجة القرية وأهلها من الماء، وتبقى رغم كل ذلك تعاني القلة والعطش، وفقا للمتحدِّث "أبو علي".
ويأمل الرجل الواقف بانتظار تعبئةِ مياهٍ في خزانات منزله، مع عدد من جيرانه، وضع حد لمعاناتهم والبحث عن حلول أنجح وأكثر أماناً من مجرد إرسال الصهاريج، الذي يعتبرونه حلاً مؤقتاً، ويجب البحث في الحلول التي تُغذّي القرية بالمياه بشكل دائم.
ورغم تواتر الأزمات يوماً بعد آخر على المحافظة الساحلية، التي أرهقتها تبعاتُ الحرب، لكن تبقى معاناة "جيران البحر" من نقص المياه، المشكلة الأهم التي يجب أن يُدق لها ناقوس الخطر وتُنذرُ باستياءٍ شعبيٍ.