الهول.. نساء تنظيم “الدولة” يهدّدن وقوى الأمن تصف الوضع بـ”القنبلة الموقوتة”

الحسكة – دلسوز يوسف / جيندار عبدالقادر – NPA
"إذا طفح الكيلُ معنا سترون شيئاً لن يعجبكم"، تقول ذلك بنبرة تهديد  وهي تلوح بأصبعها، امرأةٌ تلف نفسها بأقمشة سوداء لا يظهر منها سوى عينها، وهي تتجول في سوق مخيم الهول، لدى لقائها بمراسل "نورث برس".
وتتابع المرأة الحامل وبيدها طفلٌ صغيرٌ "كنا سعداء في الباغوز، كنا نأكل النخالة في أرض الاسلام، ورغم ذلك هي أفضل لنا من هنا".
وارتفعت في الآونة الاخيرة حدة أعمال التطرف في مخيم الهول شرقي مدينة الحسكة، من قبل النساء "المتشددات" وأنصار التنظيم، آخرها كان قتل شاب عراقي يدعى "محمد شحادة"، الخميس الفائت، على يد مجهولين تنكروا بزي النساء داخل خيمته، بعد أن تسلَّلوا إليها ليلا وقاموا بضربه بأدوات حادة.
"يعيش هنا وحوشٌ و ليسوا بشراً، ضربوني إلى أن فقدت الوعي وهدَّدوني بجعلي ضحية للعيد"، تقول ذلك فتاة أخرى من المغرب تُدعى شيماء محمد، التي تقيم في قطاع مخصص لنساء وأطفال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في المخيم.
تسرد شيماء معاناتها، بعد تعرضها للتهديد بالقتل من النساء اللواتي يحملن فكراً متشدّداً ويبدين تعاطفاً قوياً مع التنظيم.
"تهديد بالقتل"
وتقول شيماء أنها دخلت سوريا عام /2016/ قادمة من مدينة فأس المغربية، مع والدتها وشقيقتيها، بحثاً عن شقيقتها التي اُختطفت في إسطنبول، من قبل شخص سوري يدعى (أحمد) أثناء زيارتهم لتركيا لحضور حفل زفاف شقيقها، حسب قولها.
شيماء التي تزوجت من أحد عناصر التنظيم المغاربة فيما بعد، خرجت قبل ستة أشهر من بلدة الباغوز (آخر معاقل التنظيم) برفقة عائلتها وزوجها الذي يقبع حالياً في سجون قوات سوريا الديمقراطية.
وتروي الفتاة ذات /16/ عاماً لـ"نورث برس"، عن المضايقات التي تتعرض لها من قبل النساء اللائي يحملن فكراً متشدداً من زوجات التنظيم، اللواتي تصفهم شيماء بـ" الوحوش المتشدّدين كثيراً".
تضيف شيماء "لدى محاولتنا النزول إلى السوق أو الحديث باحترام مع عناصر الأمن في المخيم، ولا نقوم برميهم بالحجارة مثلهن، يتم اتهامنا بأننا كفار ومرتدين".
وتتابع بنبرة قلق "لا اتحرك ضمن المخيم أن لم يكن أهلي معي، قبل فترة كنت مع صديقتي في المخيم جاءتنا مجموعة من النساء وهدَّدونا بالقتل، وقالوا لنا إن تعاملتم باحترام مع الكرد سنجعلكم ضحية للعيد".
وتشرح شيماء عن تعرضها ذات مرة للضرب من قبل هؤلاء النسوة، قائلة "كنت أمشي في السوق، ولم أشعر سوى بتعرضي للضرب من الخلف، كانت لغتهم عجمية، حاولت معرفة من يكنَّ، لكن لم أرى سوى أكثر من /20/ امرأة، اجتمعوا حولي وقاموا بضربي بقوة، لدرجةٍ فقدت الوعي، وعندما رجعت لوعي وجدتُ نفسي داخل خيمة".
وأوضحت شيماء أنَّها تلقت التهديد بالقتل منذ فترة قصيرة مجدداً، "أعمل أنا ووالدتي في أحد المطاعم بالمخيم، حيث جاءت عدة نسوةٍ إلى صاحب المطعم وقالوا له، بإذن الله سنقتل المرأة التي تعمل لديك، وعند مناداتي صاحب المطعم للتعرف عليهن هربوا ولم ألحق بهن".
وتقول الفتاة المغربية، بأنَّ هؤلاء النسوة حاولنَّ ذات مرةٍ أيضاً "إحراق خيمة صديقتها، بعد سكب الزيت عليها لكن لحسن حظها لم ينجحوا".
فكر التطرف
وتطالب الادارة الذاتية الديمقراطية بإعادة هؤلاء الأجانب إلى بلدانهم خوفا من "الخطر" الذي قد يمثله وجود الآلاف منهم في شمال وشرقي سوريا.
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، قد جدَّد مؤخراً في حديثه لصحيفة بريطانية، التأكيد على خطورة الوضع في مخيم الهول، مؤكداً أنه بمثابة "قنبلة موقوتة" تُوشكُ على الانفجار.
اجتماعات ليلية
وأفادت مصادر محلية داخل المخيم لـ"نورث برس"، أنَّ ساعات المساء تشهد تحركات مريبة داخل القسم المخصص لنساء التنظيم وكأنهنَّ يعقدنَّ "اجتماعات ليلية" خاصة، وأنه عقب تلك التحركات يقمن برفع رايات التنظيم، وحرق خيم النازحين بين الفينة والأخرى.
صنع الأسلحة
يقول فيصل صالح أحد مسؤولي قوى الآمن الداخلي داخل المخيم لـ"نورث برس"، إنَّ أغلب النساء المتشددات هنَّ اللائي خرجن من الباغوز والبصيرة والسوسة، حيث يعاقبن النساء اللائي يقفن مع قوى الأمن، "اللواتي لربما يطلبن المساعدة لا أكثر".
وأوضح صالح أنَّ "عقيدة داعش المترسّخة في عقولهن، تدفعهن لنشر التطرف ضمن المخيم، حتى وصل بهنَّ الأمر إلى صنع اسلحة بلاستيكية من الخراطيم والخشب شبيهة للحقيقية، وهذا يدل على مدى خطورتهن وتمرّسهن بشكل جيد داخل التنظيم".
وأشار صالح، بأنَّ هذه الممارسات تدفع الاطفال إلى التعصب منذ الصغر، قائلاً "في حال بقاء هؤلاء الاطفال لفترة أطول دون تأهيل، فإنهم سيكبرون على فكر التطرف المنغرس في عقول أمهاتهم، وسيشكلون خطراً كبيراً على محيطهم في المستقبل".
ووصف بقاء هذا الكم الهائل من عوائل التنظيم في المخيم بـ"القنبلة الموقوتة"، مؤكداً أنَّه في حال انفجار هذه القنبلة سيكون تأثيره على العالم أجمع، مناشداً دولهم بأن يستعيدوا مواطنيهم، والعمل على تأهيلهم قبل فوات الأوان.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي، قد تمكنت من القضاء على آخر معاقل تنظيم "للدولة الاسلامية" (داعش) في آذار/ مارس المنصرم، في بلدة  الباغوز بريف دير الزور الشرقي، بعد استسلام مقاتليه عقب ستة أشهر من المعارك ضد قوات سوريا الديمقراطية، ليتم نقلهم إلى عدة سجون، فيما أُودعت النساء والاطفال من زوجاتهم وعائلاتهم في مخيم الهول الواقع شرقي مدينة الحسكة.
ويضم مخيم الهول بحسب الإحصائيات الأخيرة لإدارة المخيم ما يقارب /71/ ألف شخص تم عزل قرابة /11/ ألفاً منهم باعتبارهم عائلات تنظيم "الدولة الإسلامية"، يفصلهم سياج حديدي عن باقي النازحين واللاجئين.