مياه الصرف الصحي القادمة من تركيا تُلوِّثُ الخضار والهواء في ريف سري كانيه

سري كانيه/رأس العين – عبد الحليم سليمان -NPA
تُعاني الأراضي الزراعية القريبة من الحدود التركية في منطقة (تل حلف) الأثرية الواقعة على بعد /5/ كلم غربي مدينة سري كانيه/رأس العين، شمال شرقي سوريا، من سقايتها بمياه "المجاري" القادمة من محطة الصرف الصحي في مدينة جيلان بينار(سري كانيا سر ختي) داخل الأراضي التركية، والتي تختلط بمياه نهر الخابور.
وعلى جانبي مجرى النهر تتوزَّع المحرّكات والغطاسات التي تسحب المياه من المجرى، ومن بِرَك المياه بالإضافة إلى الآبار الارتوازية .
وفي العام الماضي، ونتيجة الشكاوى والدعوات من الأهالي في بلدة تل حلف ومدينة سري كانيه، الذين تصلهم محاصيل المزروعات والخُضار المزروعة في الأراضي المجاورة للنهر؛ عملت بلدية الشعب في سري كانيه وتل حلف على منع السقاية من النهر مباشرة، وطالبت بالاعتماد على الآبار الارتوازية فقط، تجنباً لوصول المياه الآسنة إلى المزروعات.
وبسبب الأمطار وفيضان النهر في الشتاء الماضي، ظهرت تكَهُفات عديدة في مجر النهر، وأدى ذلك لاحقاً إلى تَسرُّب مياه الأمطار والمجاري القادمة من تركيا إلى جوف الأرض، واختلاطها مع مياه الري، وهو ما يظهر بجلاء في الآبار المجاورة للمجرى.
فرغم أنَّ البلدية أرغمت أصحاب الأراضي بالامتناع عن سحب المياه من النهر مباشرة، والاعتماد على الآبار الارتوازية فقط، وحفر أخرى جديدة بغية الاعتماد على المياه الجوفية (البحرة)، لكن بعد ظهور التكَهُفات تسربت المياه إلى الطبقات الجوفية أيضاً.
ويقول الشاب أحمد تركي /17/ عاماً من سكان قرية تل حلف، والذي يعمل في أرض عائلته قُرب النهر، إنَّهم حفروا بئراً جديدةً بعد أن طالبتهم بذلك بلدية الشعب ولجنة مختصة من القامشلي، قائلاً "الأمر نجح في البداية وأصبحت مياه الري صافية، لكن عادت المياه الآسنة تختلط مع مياه الري، بعد ظهور التكَهُفات في مجرى نهر الخابور".
ويُضيف تركي، أنَّهم يزرعون في أرضهم التي تُسقى من تلك المياه محاصيل الخُضار المختلفة، بالإضافة إلى الخُضار الورقية والفجل وغيرها، لافتاً إلى أنَّ هذه الخُضار تباع بشكل رئيس في سوق المدينة المجاورة وفي محال البلدة الصغيرة (تل حلف).
وتحمل خُضار (تل حلف) سمعةً سيئةً في سوق مدينة سري كانيه، ويَنفرُ الناس من شرائها عند معرفتهم أنَّها مزروعة في تل حلف، لاعتقادهم أنها تسقى من مياه المجاري القادمة من تركيا، ففي سوق الصباح، قُرب دوار الأعلاف، يفترشنَّ النسوة الأرض لبيع الخُضر، وتلك النسوة يقسِّمنَّ اليمين للزبائن أنها مسقية بالمياه النظيفة، وليست كتلك التي تُزرع على أطراف نهر الخابور في تل حلف.
وليست الأراضي المزروعة بالخُضروات هي المتضررة الوحيدة من مياه المجاري القادمة عبر الحدود التركية، إذ يشكو الأهالي في بلدة تل حلف من رائحة النهر والحشرات التي تَكثرُ بسبب المياه الآسنة.
وتقول السيدة مريم عبدالرزاق التي تسكن في منزل يبعد عن مجرى النهر مسافة حوالى /300/متراً، إنَّهم يعانون من المياه الآسنة والرائحة الكريهة خاصة عند فترة المغيب.
وتُضيف مريم أنَّ تلك الروائح كانت السبب وراء إصابة إحدى بناتها بحساسية في التنفس نتيجة استنشاق تلك الروائح القادمة من النهر والمجرى، لافتةً إلى أنَّ الخُضر كلها تُسقى من تلك المياه.
وتشير مريم إلى أنَّ الحشرات والبعوض المنتشر في المنطقة المحيطة بالمجرى، تسبب لهم أمراضاً جلدية، مؤكّدة أنَّ الأهالي تقدموا بشكاوىٍ عديدةٍ لكن المشكلة لم تُحل
يُذكر أنَّ المياه الآسنة تُقسَّم حسب الأبحاث العلمية إلى نوعين هما: مياه آسنة منزلية ناتجة عن مياه المغاسل ودورات المياه، والنوع الثاني هي مياه ناتجة عن مخلفات صلبة ناتجة عن المعامل والمطاعم وغيرها، والتي تذهب إلى محطات المعالجة، وكِلا النوعين لهما أضرارٌ على صحة الإنسان والحيوان والنبات.