المؤونة والعودة إلى المدارس.. رهاب آب وأيلول لسكان اللاذقية

اللاذقية – عليسة أحمد – NPA
يأتي شهر آب/أغسطس، وأيلول/سبتمبر من كل عام مثقلاً بالهموم والأعباء المرهقة للمواطن السوري وعائلته، كون العائلة تتهيأ لبداية موسم دراسي جديد، وتبدأ التجهيز للشتاء مع بوادر الدخول لفصل الخريف.
وتستنفر العائلة كل طاقاتها لتأمين مؤونة المنزل الضرورية للشتاء، وتأمين الأغراض المدرسية لأبنائها، عدا عن تصادف عيد الأضحى وضرورياته هذه  السنة معهما، ما سبب عبئاً إضافياً كدَّر عليها العطلة، وما زاد الطين بلة، هو البدء بعملية توزيع مازوت التدفئة لشتاء هذا العام مبكراً، ما أجبر العائلة أن تذعن لتلك المصاريف.
مؤسسة "المواطن"
تواظب المؤسسة السورية للتجارة، مؤسسة "المواطن" كما يحلو للبعض تسميتها، على إنقاذ المواطن من كل ورطة يسقط فيها راتبه المحدود الذي لا يرقى للتناسب مع أسعار الضروريات مهما ارتفع وزاد، إلى جانب تلاعب التجّار الذين يترصدون كل زيادة لقنصها من المواطن وبناء ثرواتهم على حساب معاناته.
فمع افتتاح المؤسسة، قبل مدة، قسم اللحوم في صالاتها التي شهدت إقبالاً شعبياً، افتتحت معرضاً للَّوازم المدرسية بمناسبة بدء العام الدراسي، وبغية التدخل على عجل لتأمين عودة ميسرة للمدارس.
افتتح معرض القرطاسية واللوازم المدرسية بكافة صالات المؤسسة ليستمر لمدة شهر، فيما تصل نسبة انخفاض الأسعار فيها عن السوق إلى 30 %، وهذا الفارق لجم بعض الشيء الأسعار الجنونية واحتكار التجار للمواد في الأسواق خارج المؤسسة.
المعرض وفق ما أكده أهالي المنطقة، لم يعالج الغلاء لكون المواد المعروضة من إنتاج المؤسسة السورية للتجارة نفسها، خاصة الدفتر المدرسي الذي تراوح سعره بين /60 – 450/ ليرة، وسعر المريول الذي تجاوز /1.500/.
كما بلغ سعر البدلة المدرسية بحدود /4/ آلاف، والحذاء والحقيبة أيضاً السعر ذاته تقريباً، لكن تبقى هذه الأسعار رغم انخفاضها عن السوق، لا تتناسب مع راتب المواطن.
قرض دون كفيل
كان خيار التقسيط للموظفين دون كفيل بقيمة /50/ ألف، موزعة على عشرة أشهر، عرضاً مغرياً لذوي الدخل المحدود والرواتب المحسوبة بالقرش.
وعلى الرغم من بساطة المبلغ الذي يوفره المعرض، إلا أنه لاقى ارتياحاً لدى المواطن، كون القرض والتقسيط على عدة أشهر، لجم ولو بشكل بسيط طمع التجّار، وساعد في امتصاص عبء المواطن وهمومه في تأمين مستلزمات دراسة أبنائه بأسعار تعادل راتب شهر كامل.
كما تطمح المؤسسة لزيادة المساعدات التي تخفف على المواطن الأعباء المعيشية، كرفع مدة التقسيط وتقليل مبلغ القسط لشراء التجهيزات الكهربائية الضرورية للمنزل، الذي يأمل المساهمون في تشجيع الشباب للإقبال على الزواج.
إن خيار التقسيط والقروض، وهو الإجراء الذي لابد منه، لا يحبذه الناس من مبدأ أن العيش برخاء حق لكل مواطن، ويجب أن يحظى بدخل يتيح له التمتع بحياة لائقة دون أن تضغطه المصاريف وأعباء الحياة.
تقول السيدة لمياء حسن، العاملة في إحدى مؤسسات القطاع، الحكومي لـ"نورث برس" إنها لا تتقبل العيش على القروض لشراء ما تحتاج، قائلة "أنت تحتاج قرضاً لشراء مؤونة ومواد غذائية وقرض لكسوة أبنائك وحتى شراء موبايل تخطط لتقسيطه أو شرائه بقرض" متسائلة "متى يمكننا أن نشتري ما نحتاج دون هم وغم."
اللوازم على حساب المؤونة
فيما يؤكد علي سلامة، الذي يعمل في مهنة البناء، أن هذا الشهر يعتبر كارثة بالنسبة له بسبب المصاريف، أما عن المؤونة فهو غير قادر عليها وخاصة المكدوس الذي "شطبناه من موائدنا"، وعن المدارس وتجهيزاتها اعتبر علي أن معارض المؤسسة أنقذته من ورطة أمام ابنيه الوحيدين.
بينما عبير الحجة، وهي ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، تروي معاناتها مع المصاريف المرهقة التي لا تنتهي وتتراكم من شهر إلى آخر، والتي تبلغ ذروتها هذا الشهر بسبب أمرين هامين لا يمكن تأجيلهما.
وأكدت عبير أن الأمرين هما المؤونة ولوازم المدرسة بحسب قولها، وتابعت بأنها فضلت أولوياتها بتجهيز أطفالها على صنع المؤونة كون أسرتها تعيش على راتب واحد ومحدود.
ويجد رئيف الشيخ، الذي يعمل في إحدى الشركات الخاصة، أن المشكلة تكمن بضعف الدخل والاستغلال الذي يقابله التجار لكل عملية زيادة محتملة، مضيفاً "لا يجوز حل مشكلة عجز الشراء لدى المواطن بالمعارض والتقسيط، بل يجب أن تكون هناك تدابير لمحاربة الاستغلال وتحسين الدخل."
واكتفى رئيف باللباس المدرسي الذي اشتراه لابنه قبل عامين، لعدم قدرته على تجديده، مشيراً إلى أنه لمس فروقاً كبيرة في أسعار الدفاتر بين معرض المؤسسة السورية والأسواق الخارجية.
الدخل المحدود قضية لا زالت تؤرق المواطن السوري وتحرج الحكومة، وتضعها في مهب اللوم وتساؤلات المواطن حول إمكانية رفع الدخل أسوة بباقي الدول وتوفير حياة رغيدة بعيداً عن تسلط التجار والمحتكرين.