رحيل “جان لوك غودار” صانع الأفلام والموجة السينمائية الجديدة

دمشق – نورث برس

“عندما تشاهد السينما فأنت تنظر للأعلى، وعندما تشاهد التّلفاز فأنت تنظر للأسفل”.

يوم أمس الثلاثاء، لجأ عرّاب الموجة السينمائية الجديدة، وقائل هذه الكلمات؛ المخرج الفرنسي جان لوك غودار، إلى عيادة للموت الرّحيم، واضعاً حدّاً لحياته؛ التي ناهزت الـ 91 عاماً، مُنهياً بذلك حياة رجل؛ أحدث ثورة في صناعة السينما، امتدت لعقود طويلة.

في عام 1960، كان المخرج الشابّ قد أنتج فيلم “حتى آخر نفس” (À bout de souffle)، والذي أصبح فيلماً استثنائياً؛ خرج عن كل ما عرفته السينما آنذاك، وفي عام 1963، قدم جان لوك غودار، لقطة لبريجيت باردو؛ من فيلمه “الاحتقار” (Le Mépris)، انطبعت في ذهن الجميع آنذاك.

أراد “غودار”، إرساء قواعدٍ لسينما جديدة على كافة الأصعدة، وحينها أراد أن تُقدّم السينما كل ما يمكنها تقديمه، أي أن يصل بالسينما إلى أقصى الحدود المسموح أن تتناولها وتعرضها وجبة دسمة للمشاهد.

أخرج جان لوك غودار، ما لا يقلّ عن خمسين فيلماً روائياً، وضعته في مصاف الظواهر السينمائية، والمدارس التي حفرت عميقاً في الكثير من المدارس الإخراجية فيما بعد، ولعلّ أشهرها: مارتن سكورسيزي، وكوينتن تارينتينو، الهوليوديين، في ما قد يخرج عن المألوف؛ فقلّما يتأثّر المخرجون الأمريكيون بظواهر سينمائية أخرى، ولدى الحديث عن أفلام “غودار”، ليس الكم هو الظاهرة، بل جودة هذه الأفلام.

وُلد جان لوك غودار، في باريس، عام 1930، ونشأ لأبوين سويسريَين – فرنسيَين، ودرس في جامعة السوربون في باريس، وانضمّ أثناء دراسته في السوربون؛ إلى مجموعة هواة سينما فرنسيين؛ ضمّت: فرنسوا تريفو، جاك ريفيت، وإريك رومير، حين أسّس أندريه بازين؛ مجلته السينمائية المؤثِّرة “Cahiers du cinéma” (كراسات السينما)؛ كان من كُتّابها الأوائل.

عُرف عن “غودار”، مواقفه المثيرة للجدل، ومن أشهرها وصوله عام 1968، إلى مهرجان كان السينمائي داعياً إلى مقاطعته، وحينها علّل ذلك؛ بعدم وجود أي فيلم يعرُض مشاكل العمال؛ لكنه ورغم دعواته المتكرّرة لمقاطعة مهرجان كان، سجّل عودة للمهرجان العالمي؛ عام 2014، حاصلاً على جائزة لجنة التحكيم عن فيلمي “اشتراكية فيلم”، و”وداع اللغة”، وبعدها بثماني سنوات عاد إلى كان؛ ليُقدّم فيلمه “الكتاب المصور”؛ الذي مُنح عنه السعفة الذهبية الخاصة.

كما رفض الحضور شخصيّاً؛ إلى هوليوود، عام 2010، لاستلام جائزة تكريمية خاصة تضامناً مع الفلسطينيين، وعُرف عنه مناهضته للعنصرية، والصهيونية، وقد اتُهم بمعاداته للساميّة.

الحديث عن جان لوك غودار، هو حديث عن رجل؛ وضع الفن السابع قبل كل شيء، كما يتحدّى العديد من أفلام “غودار”؛ الأعراف السينمائية المُتّبعة في هوليوود، أو في السينما الفرنسية في تلك الفترة.

يعتبره البعض؛ أشدّ صانعي أفلام الموجة الجديدة تطرُّفاً، وتُعبّر أفلامه عن آرائه السياسية، وعُرف عنه استعانته بالفلسفتين الماركسيّة والوجوديّة في أفلامه.

إعداد وتحرير: قيس العبدالله