حقن للدماء أو قضاء “مشكوك بنزاهته”.. مصير أفراد مجموعات حكومية في السويداء
السويداء ـ نورث برس
انتهى الحراك الشعبي الذي شهدته محافظة السويداء، جنوبي سوريا، أواخر تموز /يوليو الفائت، إلى جدلٍ حول مصير أفراد مجموعات مسلحة تتبع لشعبة الأمن العسكري الحكومية، ودار بين تحويلهم للقضاء أو المهادنة وحقن الدماء.
وفي الثالث والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، شهدت محافظة السويداء، توتراً واحتجاجات للسكان؛ رداً على ممارسات وانتهاكات مجموعات مسلحة، تابعة للأمن العسكري بحق المدنيين.
وتطوَّر التوتر إلى اشتباكات مُسلّحة، أفضت إلى طرد المجموعات من المحافظة، وسيطرة الفصائل المحلية على مقراتها، في بلدتي عتيل، وسليم، في الريف الشمالي للسويداء.
وفي الثامن من الشهر الماضي، أعرب الشيخ ليث البلعوس؛ نجل مؤسس حركة “رجال الكرامة”، الشيخ وحيد البلعوس، للوفد الروسي، الذي زار بلدة المزرعة، بريف السويداء الغربي، عن رفضه لوجود الأجهزة الأمنية في السويداء.
وجاء ذلك ضمن ورقة مطالب؛ قدمها البلعوس، للوفد الروسي خلال الزيارة.
وفي الثاني عشر من الشهر الماضي، أعلنت حركة “رجال الكرامة”، في بيان، أن “مجموعة مسلحة تابعة للأمن العسكري تعهّدت بحل نفسها“.
وقالت “رجال الكرامة” على موقعها الرسمي، حينها، إن المجموعة يقودها “كفاح الحمود، المُقرّب من راجي فلحوط، تعهدت بحلّ نفسها، والالتزام بعدم العودة لتشكيل أي تنظيم عسكري جديد”.
وأضاف البيان، أن الاتفاق نصّ على، “تسليم المجموعة لسلاحها إلى حركة رجال الكرامة خلال مدة أقصاها خمسة أيام”.
وفي خضم كل تلك التطورات، يبقى الجدل مستمراً حول مصير أفراد تلك المجموعات، إذ رفض ناطق إعلامي باسم حركة رجال الكرامة، تسمية ما حصل مع تلك المجموعات بـ”المصالحات”.
واعتبر تلك الإجراءات، “مبادرات لحقن دماء أبناء المحافظة، لأن أفراد هذه المجموعات جميعهم من أبناء السويداء”.
وأوضح لنورث برس، أنه “تحت مُسمّى حقن الدماء؛ تتكفّل بعض الفعاليات العائلية والاجتماعية، بفرض تسليم المجموعات المسلحة سلاحها، وتتعهّد بعدم العودة لأي عمل مخالف للأخلاق”.
وأشارالناطق الإعلامي، باسم “رجال الكرامة”، إلى أن المدعو “سليم حميد”، وهو أحد أفراد تلك المجموعات، “نقض العهد، وأطلق النار فور إطلاق سراحه، ما أثار مخاوف لدى السكان، الأمر الذي استدعى ملاحقته مجدداً”.
وطرحت الحركة فكرة “معاقبة كل العصابات وتقديمهم لجهات قضائية نزيهة مع ضمانات بمحاسبتهم”، بحسب الناطق باسم “رجال الكرامة”.
ولكنه شدد على أنه في حال تم الإفراج عنهم من قِبل القضاء الحكومي، بعد تسليمهم، فإن الجهات القضائية “تتحمّل كامل المسؤولية أمام (رجال الكرامة)”.
ونوّه لاستمرار الملاحقات لكل من لم يسلم نفسه، “حتى اجتثاثهم”.
القضاء هو الحل
يرى المحامي، أيمن شيب الدين، من السويداء، أن أفضل الحلول هو أن تتمّ المحاسبة من قِبل القضاء، “إذ لا يوجد جهة أخرى تمتلك شرعيّة قانونيّة تخوّلها ملاحقة تلك المجموعات، أو التحقيق معهم ومعاقبتهم”.
ولكنه في الوقت ذاته، يُشكّك بمؤسسة القضاء، “شأنها شأن جميع المؤسسات الحكومية؛ تعاني من سيطرة السلطة التنفيذية والأمنية عليها”.
إلا أن “شيب الدين”، استرجع: “الحل الأمثل هو القضاء، وإلا فالقتل، والقتل المضادّ، وما يُخلّفه من تداعيات؛ سيكون لها الأثر الكارثي مستقبلاً على المحافظة”.
وشدّد، على ضرورة “محاسبة الأجهزة الأمنية التي تتبع لها هذه المجموعات، وليس فقط أفراد العصابات؛ لا سيما وأنه لا أحد فوق القانون، كما يتذرّع رجال السلطة”.
حل عشائري
وفي ظلّ التشكيك الشعبي بنزاهة القضاء، يرفض عدنان أبو العز، من عناصر الفصائل المحلية في السويداء، فكرة تحويل أفراد “العصابات” إلى القضاء.
ويقول “أبو العز”، “هناك عدم ثقة بالقضاء ونزاهته في محاسبتهم، ولا وجود لقضاء في سوريا، بل سلطة أمنية ومخابرات”.
ويشير، إلى أنه في حال تفعيل القضاء؛ فسيكون ذلك من “مصلحة السلطات الحكومية، التي تلاحق ناشطين خرجوا باحتجاجات، بدعوى الحق العام، إضافة لعشرات الآلاف من الشباب الرافضين الالتحاق بالخدمة العسكرية”.
ويُضيف: “بينما أفراد العصابات الذين نشروا المخدرات بمدراس السويداء، لا يوجد بحقهم بطاقات بحث ودعاوى قضائية”.
بدوره، اقترح أحد وجهاء السويداء، أن يتمّ “تعرية أفراد تلك المجموعات، مجتمعياً وعائلياً، من قبل عائلاتهم بالدرجة الأولى، وبالتالي سلخهم كأفراد لا كعائلات عن بقية المجتمع في السويداء”.
وعملاً بمبدأ محاسبة “الفاعل بما فعل”، وهو ضمن القوانين التي يمكن تفعيلها في السويداء، مجتمعياً ودينياً، في ظلّ غياب القضاء، “يتمّ التبرئة منهم ومن سلوكياتهم وتجريدهم من حقوقهم وإقامة الضوابط المعروفة مجتمعياً وأخلاقياً عليهم”.
وبين الاقتراحين، لا يزال مصير أفراد المجموعات التي تتبع للأمن العسكري، في السويداء، مجهولاً، خاصة في ظلّ ما يشهده الجنوب السوري بشكل عام، من تغلغلٍ للقوى الأخرى؛ إضافة لمخاوف من فرض قبضة أمنية من قِبل الحكومة، كما يحصل في مناطقٍ بدرعا الجارة.