عاملو مهن حرة في دمشق يكابدون مشقّات العمل لتأمين احتياجات عائلاتهم

دمشق- نورث برس

لا يُخفي الأربعيني، حسام العمران, قلقه الدائم حول كيفية تحصيل مصروف عائلته إذا لم يأت زبائن إلى محله، أو يطلبه أحد لتصليح عطل ما في منزله.

وبينما ينهمك في تصليح مروحة لأحد الزبائن، يقول الرجل متحسراً، إن أجور أصحاب المهن الحرّة قبل الحرب كانت تفوق رواتب الموظفين الحكوميين، وأن أموره المادية كانت جيدة.

لكن اليوم، يجد “العمران”، الذي يعمل مصلّحاً للأدوات الكهربائية، أنه يشاركهم في ذلك، “ذات الهموم والمشاكل لتأمين احتياجات ومتطلّبات عائلاتنا”.

ويُكابد أصحاب المهن الحرّة الذين يعتمدون على الأجور اليومية، أعباءً “ثقيلة”، لتأمين احتياجات عائلاتهم في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وبأعمالهم التي تضرّرت، غير أن الاستمرارية هي خيارهم الوحيد لتأمين قوت يومهم.

وعلى الرغم من تذمّر الموظفين الحكوميين، من تدنّي قيمة رواتبهم؛ والتي لا تسدّ إلا جزءً صغيراً من تكاليف أسرهم، يجدهم “العمران”، محظوظين، “فهناك راتب مهما كان، ينتظرهم آخر الشهر, لكني في حال لم أعمل كل يوم لا أستطيع تأمين قوت عائلتي”.

وأمام تراجع حركة العمل، وقلة الأجور، التي لم تعُد تتناسب مع تكاليف المعيشة، يزيد تقنين الكهرباء الحال سوءاً، وخاصة من يعتمد عليها بشكل كلي في العمل.

يضطّر “العمران”، وهو من سكان المزة، بدمشق، لتأجيل عمله أثناء ساعات القطع، وخاصة أنه لا يستطيع فحص الأدوات والتأكد من أعطالها بدون الكهرباء.

وتصل ساعات التقنين في محله الكائن بسوق الكهرباء، بالقرب من سوق الحميدية، إلى خمس ساعات قطع، مقابل ساعة وصل، “وأحياناً يتكرّمون علينا بأربع ساعات قطع وساعتي وصل”.

وكالعديد من أقرانه، لا يستطيع “العمران”، شراء البنزين لتشغيل المولدة، “فهو مُكلف مقارنة بأجري الذي أتقاضاه”.

ويشارك، عمر بكراوي، المعاناة نفسها مع سابقه، فهو الآخر يعاني من التقنين الكهربائي، إذ يضطر في كثير من المرّات لتأجيل عمله في محله، أو يحدث أن تنقطع الكهرباء عند وصوله لمنزل زبونه، ما يجبره على تأجيل التصليح ليوم آخر.

وكل ذلك يُرتبُ “بكراوي”، البالغ من العمر (47 عاماً), تكاليف إضافية تتمثّل بالمواصلات والتنقّل.

ويبدو من حديث “بكراوي”، الذي يعمل مُصلّحاً للمكيفات الكهربائية، أن زبائنه يشكون من الأجور التي يطلبها.

ويقول، وهو من سكان منطقة جديدة الفضل، بدمشق، إن زبائنه يخبرونه أنه يتقاضى مبالغ كبيرة مقابل التصليحات، “لكنهم لا يضعون أنفسهم مكان المُصلّح الذي يعاني هو الآخر، ويعمل تحت ضغوط مضاعفة لتأمين احتياجات عائلته”.

ونهاية تشرين الأول/ أكتوبر، العام الماضي، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، إن أكثر من تسعين بالمئة من السوريين، “يعيشون تحت خط الفقر، ويضطّر الكثير منهم لاتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم”.

ويعمل الشاب الثلاثيني، محمد كنعان، في البناء لما يقارب عشر ساعات متواصلة في اليوم، وفي ظلّ جميع الظروف المناخية، متحمِّلاً حرّ الصيف وبرد الشتاء.

 ويجد أن أجور العمال لا تتناسب مع الجهد الذي يبذلونه والمشقة الناجمة عن العمل.

كما أنه لا ضمان لحقوقه في هذا العمل, ففي حال أُصيب في عمله، لن يحصل على تعويضات تساعده على دفع أجور المشافي والأطباء.

ولكن وفي ظل الواقع الاقتصادي الصعب وعدم كفاية راتب والده المتقاعد، يجد “كنعان”، أن “لا مفرّ من العمل مهما كانت الظروف، علي أن أساند عائلتي في المصروف”.

إعداد: مرام المحمد – تحرير: سوزدار محمد