“ذريعة” نقص المحروقات تحوّل شوارع في حلب لمكبٍّ للنفايات
حلب – نورث برس
تحت المبنى الذي يسكنه عثمان، تتجمع أكياس القمامة وتتنشر بقايا الطعام وقشور الفواكه والكؤوس البلاستيكية، تفوح منها رائحة كريهة، وتتجمع عليها أسراب البعوض والذباب، بينما تنبش القطط والكلاب تلك الأكياس لإخراج ما تبقّى في داخلها.
يسكن عثمان موفق، (40 عاماً)، في الطابق الأول بمبنى في حي السكري، بمدينة حلب، ويضطّر دائماً لإغلاق نوافذ منزله، رغم درجات الحرارة المرتفعة، في محاولة غير مُجدية لعدم استنشاق الروائح المنبعثة من القمامة.
مشهد تراكم النفايات والأوساخ؛ يغلب على معظم الأحياء الجنوبية والشرقية في حلب، وتزداد كمياتها يومياً في ظل تأخُّر ترحيلها من قِبل بلدية المدينة لأيام، وأحياناً لأسابيع، بينما لم تُرحَّل نهائياً في بعض الشوارع منذ ما يقارب العام.

وتُشاهد الحاويات، في تلك الأحياء ممتلئة بالنفايات وتتناثر الأكياس من حولها، بينما تتجمّع بعض الأغنام والماعز عليها، وعلى بُعد أمتار منها، باعة يبيعون خضاراً وفواكه، غير مكترثين للأضرار الصحية الناجمة عن ذلك.
يقول “موفق”، إن البلدية لا تُراعي الكثافة السكانية في الحي، والسكان هنا يفوق عددهم أي حي آخر.
ويُشير، إلى أنه نتيجة تراكم القمامة، وتواجد البائعين بالقرب من مكبّ النفايات “أصبحت المنطقة المحيطة لا تُحتمل من شدة الروائح”.
ولا وسيلة لدى السكان لمعالجة الأمر، إلا الحرق ليلاً لتخفيف الكمية، وتقليل الأضرار الناتجة عنها، وخاصة تجمُّع الكلاب الشاردة ليلاً وأصواتها، لكن ذلك يُسبب ضيق تنفس وخاصة لكبار السن ومرضى الصدر، فضلاً عن تلوث الهواء.
وبداية الشهر الجاري، تكلّف “موفق”، بأكثر من 150 ألف ليرة سورية، قيمة معاينة الطبيب، وتحاليل وأدوية لزوجته وابنه، إذ أُصيبا بأمراض صدرية.
لا مازوت للترحيل
ويُرجع منذر خيرو، مسؤول شعبة النظافة، ضمن قطاع الأنصاري، سبب عدم ترحيل القمامة بشكل يومي إلى نقص مادة المازوت، حيث يتمُّ ترحيلُها “كل فترة بحسب توفُّر الوقود”.
ويُشير المسؤول الحكومي، إلى أن مخصصات القطاع اليومية، كانت سابقاً تتراوح ما بين 500 و600 ليتر من المازوت، لكن اليوم لا يتمّ استلام سوى 200 ليتر، “وهذه الكمية تجعل الآليات تعمل لجولة واحدة، بدلاً من ثلاث جولات”.
ويُضيف، “جميع المؤسسات الحكومية تدخل حالة من التقنين الشديد بسبب شحّ المواد النفطية، ما أثّر على تراجع الخدمات بشكل كبير، وليس لدينا أي حلول طالما الأمر الرئيسي يأتي وزارياً”.
وتُعاني مناطق الحكومة السورية، من نقصٍّ حاد في المواد النفطية، يترافق مع نقص في اليد العاملة، مما دفع المؤسسات الحكومية إلى الترشيد في تحريك الآليات لقلة الوقود.
وقبل سيطرة مسلحي المعارضة السورية عام 2012، على حي السكري، كانت تتوافر كبينات لدفع فواتير المياه والكهرباء.
وبعد سيطرة القوات الحكومية عام 2017، توقفت هذه الأماكن عن العمل، وتحوّلت لمكبّ للنفايات؛ التي تتجمع بسبب بائعي السوق والقمامة المرمية من المنازل السكنية.
مبادرة محلية
وفي حي جورة الأنصاري، لا يختلف الحال كثيراً عن سابقه، حيث لم يتم ترحيل القمامة من قِبل البلدية، منذ بداية العام الجاري.

ويقول رضوان بيبي (35 عاماً)، من سكان هذا الحي، إنهم يجمعون من كل عائلة في الحي 2500 ليرة أسبوعياً، ويتعاقدون مع عمال لترحيل النفايات.
ويُشير، إلى أنهم لجؤوا لهذه الطريقة لتفادي حدوث تجمُّع كبير للقمامة في الحي، وذلك بعد أن أُصيب أطفال بأمراض صدرية، وتجمّعت الكلاب الشاردة ليلاً على النفايات.
وبحسب ما يرويه “بيبي” لنورث برس، فإنه تقدم بطلب الأسبوع الماضي إلى مديرية الصحة، بحلب، لرشّ المبيدات في الحي لازدياد الحشرات، لكن الأخيرة أخبرته أن لديها “برامج للقيام بذلك وقريباً سيرشُّون المبيدات”.
ولكن ضمن المديرية، أخبره عمال، أنهم متوقفون عن العمل؛ بسبب عدم توافر مادة المازوت، بحسب “بيبي”.
وتشتكي سعاد بكري، (55 عاماً)، من سكان حي السكري، هي الأخرى، من تراكم القمامة في الشارع، وخاصة أن منزلها يقع في مكان قريب من تجمُّع النفايات.
وتشير السيدة، إلى أن الشارع الذي تقطنه لا يصل إليه العمال ولا سيارات نقل القمامة إلا كل أسبوع مرة، “رائحة الشارع في وقت الظهيرة تُصبح لا تُحتمل”.