موسم زيتون هو الأفضل في سوريا منذ خمس سنوات.. وإنتاج بلا مستهلكين

اللاذقية ـ نورث برس

رغم الموسم الوفير من الزيتون في هذا العام على خلاف السنوات الخمس السابقة، في سوريا، إلا أن هنالك معاناة مزدوجة من قبل المنتجين الذين لا يتمكنون من تسويق إنتاجهم من الزيت، ومن قبل المستهلكين الذي هم بأمس الحاجة لهذا الإنتاج، ولكنهم لا يستطيعون الحصول عليه بسبب انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع أسعاره.

تقول الموظفة هيفاء البودي لنورث برس، إن زيت الزيتون لم يدخل بيتها منذ ارتفع سعره، قبل سنوات رغم حاجتها الماسة إليه خاصة مع موسم المونة والمكدوس.

ولكن “كيف لها أن تشتري بيدون (غالون) زيت الزيتون (سعة 20 ليتر) بسعر 300 ألف ليرة، بينما كل دخلها لا يتجاوز 250 ألف ليرة ولديها ولدان في المدرسة؟”، تتساءل “البودي”.

وبينت أنها تُقتِّر بعبوة الزيت التي تحصّلها عن طريق البطاقة الذكية, وعندما تنتهي يصبح عليها شراء مثيلتها بمبالغ تتفاوت بين 13 إلى 16 ألف ليرة لليتر الواحد.

انقطعت السبل

في حين تقول سوسن المصري، لنورث برس، إنهم كانوا يتحايلون على استخدام الزيت للمكدوس عن طريق وضعه في الثلاجة بعد تجهيزه، دون الحاجة لتغريقه بالزيت. الذي يضاف لا حقاً بكميات محدودة عند الاستخدام من أجل التقليل من استهلاكه.

لكن مع انقطاع الكهرباء أصبح هذا الأمر غير ميسّر أيضاً. وبالتالي خرج المكدوس عن المائدة ليلحق غيره من اللبنة والبيض والجبنة والزعتر.

تكاليف عالية

ارتفعت تكاليف إنتاج الزيت كثيراً كما يقول المنتج ياسين علي، من منطقة اللاذقية التي تصنف الأولى بإنتاج الزيتون هذا العام (40% من كامل الإنتاج).

يقول لنورث برس، إن التكاليف مرتفعة أصلاً وتضاعفت هذا العام بسبب نقص المحروقات الذي يرتب الكثير من التكاليف المادية للوصول إلى الأراضي المزروعة زيتون بعيداً عن السكن.

ويضيف أن المشكلة الأهم هي في نقص العمالة، حيث ارتفع يوم العمل في قطاف الزيتون لمدة 9 ساعات بما لا يقل عن 25_ 30 ألف ليرة يومياً.

ويشير “علي” إلى أن الأسر كانت تعتمد في السابق على أبناءها لقطاف الزيتون ولكن مع الحرب والهجرة إلى الداخل والخارج، أصبحت غالبية الأسر تحتاج إلى عمالة مأجورة.

ومن يعملون مقابل حصة من الإنتاج “يطلبون النصف في حال كانت الأرض وعرة، إذ أن معظم أراضي الزيتون، في الساحل خاصة، تعامل كما الحراج بدون أسمدة أو ري وأحياناً بلا فلاحة، كما في هذا العام”.

وبيّن أن هذا الأمر أصبح أكثر انتشاراً بعد ارتفاع تكاليف الحراثة ونقص المحروقات.

ما زال مخزناً

يقول المنتج سميح إبراهيم من ريف جبلة إنهم مازالوا يحتفظون بمعظم إنتاجهم من زيت العام الماضي، لأنه ليس بإمكانهم بيعه بخسارة, وهو محصول رئيسي لهم ولغالبية الأسر مثلهم، ولم يجدوا من يطلبه بسعر مناسب.

لذلك سيلتقي إنتاج هذا العام مع سابقه وهذا يجعل أعباءهم أكبر من حيث توفير عبوات إضافية أصبحت مكلفة أيضاً ومساحات أكبر لتخزينه.

ويتساءل “إبراهيم”، “كيف يمكن للزيت النباتي أن يباع بسعر أعلى من زيت الزيتون ويجد من يشتريه، بينما يصعب على بعض المستهلكين دفع سعر بيدون الزيت ويطالبون دائماً بتخفيض سعره؟”.

تكاليف العصر

يشير “علي” إلى أن كل هذا قبل الوصول إلى تكاليف ومشاكل عصر الزيتون لاستخراج الزيت منه، حيث كان أصحاب المعاصر يأخذون مقابل عصر كل بيدون زيت ليتر زيت إضافة للتفل وغيره من بقايا العصر. ولكن هذا العام مع ارتفاع أسعار المحروقات سيكون المطلوب أكثر من ذلك.

وكانت وزارة الزراعة قد حددت في دراسة للعام الماضي كلفة إنتاج صفيحة زيت الزيتون مع الأرباح بما لا يقل عن 200 ألف ليرة. ومن المؤكد أن تكون التكاليف لهذا العام أعلى من ذلك بكثير.

لذلك من غير المتوقع حسب مصدر في وزارة الزراعة، لنورث برس، أن ينخفض سعر الزيت هذا العام رغم تخزينه عند المنتجين وحاجة المستهلكين له.

وكانت وزارة الزراعة السورية قدرت الإنتاج بنحو 820 ألف طن، بينما وصل الإنتاج في العام الماضي إلى  560.3 ألف طن.

تهريب

وذكرت الوزارة في تقرير لها أن  كميات الزيتون الواقعة خارج سيطرة الدولة في هذا الموسم تقدر بنحو 238.6 ألف طن، أي ما نسبته 26% من الإنتاج.

وأن الكمية الأكبر منها تقع في حلب وإدلب، وهنالك نسبة لا بأس بها في كل من الحسكة والرقة ودير الزور والغاب.

وفي تصريح لنورث برس، ذكر مدير سابق في مكتب تسويق الزيتون التابع لوزارة الزراعة، أن “هنالك كميات من الزيت والزيتون يتم تهريبها من المناطق الواقعة خارج سيطرة الدولة إلى داخلها”.

في حين بينت مديرة مكتب تسويق الزيتون عبير جوهر في تصريحاتها، أن كمية الزيت المتوقعة لهذا العام تصل إلى 125 ألف طن. يستهلك منها أقل من نصفها ويصبح الباقي جاهزاً للتصدير، رغم أن الكميات التي تم تصديرها بعد قرار السماح بالتصدير تتراوح بين 1500_ 2000 طن فقط من أصل خمسة آلاف طن التي تمت الموافقة على تصديرها.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله