بالأرقام.. هذا ما أضافه السوريون للاقتصاد التركي

اسطنبول- محمد الينايري – NPA
يعيش اللاجئون السوريون في تركيا، والبالغ عددهم ما يربو عن 3.5 مليون سوري، حالة ذعر واسعة في الفترة الحالية، سببها التشديدات التركيّة الجديدة على الإقامة وأذونات العمل والسفر، والتي دفعت إلى ترحيل عدد من السوريين خلال الأيام القليلة الماضية من تركيا، في ضوء سياسة تشجيع السوريين على العودة والضغط عليهم من قبل السلطات التركيّة بصورة غير مسبوقة، وبشكل خاص في اسطنبول، بعد التطورات الأخيرة.
وفيما يُتهم السوريون من قبل الكثير من الأتراك، بأنهم مسؤولون عن الإضرار بالاقتصاد التركي بصورة أو بأخرى، وهذا هو السبب الرئيسي وراء الضغط والتضييق عليهم في الوقت الراهن، فإن إحصاءات وتقارير اقتصادية مختلفة تكشف عن حجم بصمات السوريين في الاقتصاد التركي، بخلاف ما يتم الترويج إليه، على أساس أن السوريين قد نجحوا بالفعل في إثراء الاقتصاد التركي والإضافة إليه بصورة أو بأخرى في العديد من القطاعات الحيوية.
وفي خضم الحملة الراهنة التي تستهدف الوجود السوري في تركيا، يُمكن الرجوع إلى عددٍ من التقارير الاقتصادية التي تعكس حجم الضرر الذي يلحق بتركيا حال المُضي قدماً في سياسة التضييق على السوريين الموجودين على أراضيها في الوقت الحالي، وذلك لما يمثله السوريون من ثقل في السوق التركية والاقتصاد التركي بشكل عام.
أرقام
في الثالث عشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي 2018 أصدر مركز "وقف أبحاث السياسات الاقتصادية التركية" تقريراً تفصيلياً عن تأثير السوريين على الاقتصاد التركي، تُدحض الأرقام الواردة في ذلك التقرير الكثير من الأصوات المُتعالية بالهجوم على السوريين وتحميلهم مسؤولية الإضرار بالاقتصاد التركي، ومن ثم اعتبارهم "خطر على الأمن القومي".
عدَّ التقرير السوريين في المرتبة الأولى بتركيا من حيث تأسيس الشركات سنوياً على صعيد المستثمرين الأجانب، وذلك بقيمة إجمالية تصل إلى /119343550/ ليرة تركية (22.1 مليون دولار)، ذلك أن السوريين وعلى مدار سبع سنوات أسسوا ما يزيد عن /10/ آلاف شركة في تركيا، بواقع أربع شركات يومياً، والعدد يزيد إذا ما أخذت في الحسبان الشركات والمشروعات والاستثمارات الأخرى غير المسجلة.
وطبقاً للتقرير ذاته فإن اسطنبول (التي تشهد الآن موجة غضب ضد الوجود السوري، وإجراءات قاضية بمراجعة وجود السوريين في الولاية للحد منهم) تأتي في المرتبة الأولى من حيث تأسيس الشركات على أساس سنوي من قبل السوريين، لاسيما في قطاعات التجارة والعقارات والوكالات السياحية والأغذية والنسيج.
وجود فاعل
ومن ضمن التقارير التي يُمكن الاستناد إليها في تأكيد فاعلية الحضور السوري في الاقتصاد التركي، هو التقرير الذي أنجزته أكاديمية الشرطة التركية, بعد استطلاع رأي أجرته على المواطنين الأتراك, وذلك في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، تحت عنوان (المعلومات الخاطئة تخلق الكراهية)، وهو التقرير الذي فند العديد من الاتهامات التي تُلاحق السوريين في تركيا، وخلص إلى أن نظرة الكثير من الأتراك للسوريين مبنيّة على أساس معلومات خاطئة.
وطبقاً للتقرير الصادر عن الأكاديمية الرسمية للشرطة، فإن "السوريون لم يتسببوا بالبطالة، بل تسببوا في إيجاد فرص عمل للأتراك بافتتاح شركات ومؤسسات ناجحة"، وثمة العديد من التصريحات والتقارير الرسمية التي أنصفت السوريين على ذلك النحو خلال السنوات الماضية.
استثمارات
وبالعودة إلى لغة الأرقام، فإن السوريين يضخون استثمارات بقيمة تربو عن /1.5/ مليار دولار في الاقتصاد التركي، طبقاً لإحصاءات جمعية رجال ورواد الأعمال السوريين "سياد" مؤخراً، وهي الجمعية التي كشفت عن أنها بصدد الكشف عن أرقام تفصيلية بشأن استثمارات السوريين في الاقتصاد التركي قريباً.
وطبقاً لتقديرات ساقتها تقارير إعلامية مختلفة، فإن السوريين الذين يتوزعون على الولايات التركية (بخلاف قرابة نصف مليون سوري يعيشون في مخيمات اللجوء وتتكفل بهم الأمم المتحدة بالتعاون مع الاتحاد الأوربي) يدفعون إيجارات شهرية وضرائب ويُسهمون في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال مشاريعهم الاقتصادية المختلفة ومشترياتهم أيضاً من المنتجات التركيّة.
ووفق تلك التقارير، فإن هناك أكثر من /400/ ألف منزل استأجره السوريون في تركيا (موزعة على مختلف المدن)، ويصل متوسط الإيجارات هنالك إلى ما قيمته /500/ ليرة شهرياً، أي بمتوسط شهري عام يصل إلى /400/ مليون ليرة تركية، علاوة على أن السوريين يخضعون للضرائب و"الفواتير" التي تشمل الكهرباء والمياه والانترنت وخلافه، بمتوسط إجمالي شهري قيمته /400/ ليرة في الشهر، يصب ذلك كله في خزينه الشركات المستثمرة فيت لك القطاعات.
وثمة تقارير ذكرت أن كل عائلة سورية تنفق ما قيمته ألف ليرة شهرية على شراء المنتجات التركية، وتفوق مشتريات السوريين السنوية ما قيمته /4/ مليار ليرة، ويضح السوريون ما قيمته /7/ مليار ليرة سنوياً نظير كل تلك الأنشطة، بخلاف الاستثمارات والمحال التي يعملون فيها ومئات الورشات المُهددة بالتعطل والتوقف عن العمل حال ترحيل السوريين ومن ثم غياب الأيدي العاملة.