كل قذيفة تركية قد تتسبب بنسف أحلام طفلٍ ما.. عبدو من كوباني نموذجاً
كوباني- نورث برس
قذيفة تركية واحدة كانت كفيلة بتغيير مسار حياة الطفل وهو في ربيعه الرابع، بعد أن كانت براءته تدفعه إلى أن يحلم ككل طفل، لكنه لم يتخيل يوماً أنه سيمشي نحو مستقبله على قدمٍ فقدت نظيرتها بسبب تلك القذيفة.
هذا هو الطفل عبدو حنيفي وهو يقف على ساقٍ واحدة، ثم يعرج إلى فناء المنزل ليراقب أطفال قريته حين يلعبون في الجوار، فالقدم الأخرى التي فقدها بسبب القذائف التركية تحول دون انضمامه إليهم.

يحاول أفراد العائلة المتأثرة بالجروح، البقاء بجوار عبدو الذي لايزال يخاف من أصوات الرصاص والطائرات، فتلك الأصوات تشكل صوراً مؤلمة في نفس الطفل عدا تأثره الجسدي، حسب ما أوضحه والده “مصطفى”.
واليوم الثلاثاء، عاودت تركيا قصف منزل العائلة مرة أخرى، ما تسبب بحالة من الذعر وخاصة للطفل الذي لا ينفك عن البكاء والصراخ من شدة خوفه.
وفي الثامن من شهر كانون الثاني/ يناير الفائت، أصيب ستة أشخاص من عائلة واحدة (ثلاثة أطفال وثلاث نساء) في قرية قره موغ 20 كم شرقي كوباني جراء قذائف تركية، تسببت إحداها ببتر ساق الطفل عبدو.
يتذكر والده مصطفى حنيفي (38 عاماً) الحادثة، فيسرد لنورث برس مجريات اليوم الذي فقد فيه عبدو ساقاً وأصيب طفلان آخران من أبناء عمه بجروح متفاوتة.
أصيب في ذلك القصف ثلاثة أطفال وثلاث نساء وهن “بسنة شقيقة مصطفى حنفي وزوجتا شقيقيه شيرين وكريلا”، بينما كانت الإصابة الأشد ضراراً من نصيب الطفل عبدو الذي فقد ساقه، وأصيب ابنا عمه “ياور” (18 شهراً) بجروح في قدمه، وصالح الطفل الرضيع (ستة أشهر) أصيب في يديه.
ويشعر عبدو بالتحسن عند مجيئ الأطفال إلى منزله فيلعب معهم جالساً، لكن مع مغادرتهم المنزل يبقى الطفل ماكثاً في مكانه دون تمكنه من اللحاق بهم أو الخروج معهم إلى ساحات القرية.
يقول حنيفي وهو يحبس دموعه متأثراً بمصير ومستقبل أبنه، إنه (عبدو) يبكي حين يرى من هم في جيله يلعبون في الأرجاء، بينما لا يسعه إلا أن يكون متفرجاً حزيناً فحسب.
ويصف حنيفي ذلك بالمشهد الأصعب الذي يواجهه مع “عبدو”. كيف لن يتأثر وابنه الذي يهوى اللعب بكرة القدم لا يستطيع ممارسة هوايته كسائر الأطفال.
وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قد تكلفت بعلاج الطفل عبدو مصطفى حنيفي، فقامت هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل بأولى مراحل علاجه في شهر شباط/ فبراير الفائت، من ضمنها تركيب ساق صناعية.

ويرفض عبدو استخدام الساق الاصطناعية التي صنعت له بعد، ويفضل أن يستخدم ساقه الوحيدة في التنقل بين غرف منزله.
وعبدو ليس الطفل الوحيد الذي فقد جزءاً من جسده، فمنهم من فقدوا حياتهم بسبب العمليات العسكرية التركية بالمدفعية والطائرات المسيرة، كالتي استهدفت حي الصناعة في القامشلي في السادس من شهر آب/ أغسطس الجاري، وأسفرت عن فقدان أربعة أشخاص بينهم الطفلان أحمد شيبي (14 عاما) وآهنك (16 عاماً).
لذا يوجه “حنيفي” ندائه إلى المجتمع الدولي بكل منظماته الإنسانية والحقوقية لوقف الهجمات وضمان مستقبل أطفال المنطقة.