الوضع الأمني وارتفاع الأسعار يشل قطاع البناء بدرعا

درعا- نورث برس

يعمل مرعي محمد (33 عاماً) وهو من سكان بلدة مليحة العطش بريف درعا الشرقي حالياً في الزراعة ليستطيع إعالة أسرته المؤلفة من ستة أفراد، وذلك بعد أن توقف مصدر عمله في البناء.

يقول الرجل الذي كان في السابق عامل بناء، إن أعمال البناء اليوم تقتصر على إصلاح لبعض البيوت المهدمة، “فالوضع الأمني المتدهور والشعور بعدم الاستقرار يدفع البعض لبيع ما يملكون من بيوت وعقارات في محاولات للسفر”.

ويرى “محمد” أن “الوضع الأمني يزداد سوءاً وتزداد معه القبضة الأمنية للحواجز العسكرية الحكومية”.

وتشهد درعا ركوداً في قطاع البناء والعقارات، يرجع العاملون في هذا المجال السبب إلى عدم استقرار المنطقة والتخوف من تعرض قراهم لقصف القوات الحكومية والتهديد باقتحامها بين الحين والآخر كما حدث العام الماضي في عدة قرى وما يحصل حالياً في مدينة طفس بريف درعا الغربي.

فيما يلعب ارتفاع أسعار مواد البناء وأجور الأيدي العاملة، دوراً آخر في تراجع أعمال البناء بالمحافظة.

ويقول “محمد” بتهكم، “السكان لا يستطيعون تأمين قوت يومهم، كيف سيفكرون بالبناء والتجديد”.

ويصل سعر طن الحديد المبروم لأربعة ملايين ليرة سورية، بينما يصل سعر البلوكة الواحدة مقاس 15 سم، لألف ليرة سورية، فيما تجاوز سعر البلوكة مقاس 20 ألفي ليرة سورية.

ويباع الطن الواحد من الأسمنت لسبعمائة ألف ليرة سورية، بينما سعر ربطة شريط التربيط وزن 25 كغ تجاوز مئتي ألف ليرة سورية.

“شبه معدومة”

وبينما كان مروان الزعبي 48) عاماً) وهو متعهد بناء من مدينة الحراك بريف درعا الشرقي، ينبي ما يقارب عشرة أبنية قبل سنوات الأزمة، اليوم لا ينبي سوى ثلاثة أبنية بحد أقصى بواقع أربع وعشرين شقة سكنية.

ويشير المتعهد إلى أن تعهدات البناء في درعا “شبه معدومة منذ سنين والعمل الآن بالحد الأدنى”.

ويضيف أنه بعد تسوية عام 2018، “كنا نتوقع أن يقوم السكان بترميم منازلهم التي تضررت خلال سنوات الحرب، ولكن ما حصل أن التدهور الأمني وعدم الاستقرار استمر، إضافة إلى التدهور الاقتصادي الكبير”.

ويتساءل، “الزعبي”، عن كيف يمكن لهم استثمار رؤوس أموالهم في تعهدات البناء في ظل تدهور الليرة السورية وارتفاع أسعار مواد البناء وارتفاع أجور الأيدي العاملة.

وتصل أجرة بناء المتر المربع الواحد إلى ثلاث آلاف ليرة سورية مقارنة بألفي ليرة سورية في نفس الفترة من العام الماضي.

وبحسب عمر المقداد (52 عاماً)، وهو تاجر مواد بناء في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي فإن الفلتان الأمني أدى لإغلاق بعض المعامل ومحال تجارة مواد البناء، وذلك “لعدم قدرة التجار على التحرك خوفاً من التعرض للخطف على يد عصابات تمتهن الخطف مقابل المال”.

وهذا الوضع دفع بخلدون الحريري (32 عاماً) وهو من مدينة داعل بريف درعا الأوسط للتراجع عن  بناء منزل لعائلته.

ويقول الرجل إنه تخلى عن فكرة البناء حالياً “لأنه أصبح من المستحيلات لذوي الدخل المحدود، كما أن الوضع الأمني للمنطقة لا يساعدنا للإقدام على هذه الخطوة”.

وينوي “الحريري” ترك البلاد والسفر بالمبلغ الذي كان يرصده للبناء، وخاصة أنه مطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف القوات الحكومية.

إعداد: إحسان محمد –  تحرير: سوزدار محمد