سوريون في مصر.. التماسات ومناشدات على باب مفوضية اللاجئين

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
"لا نريد مساعدة مالية، كرامتنا لا تسمح.. نريد فقط مساعدتنا في العودة إلى الإسكندرية (شمال مصر)"، كان ذلك جزءاً من استغاثة قدّمها فايز درويش (سوري مقيم في تركيا منذ خمس سنوات) للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمصر، يطلب فيها أن تساعده المفوضية التي وصفها بأنها "ذات قيم إنسانية معروفة بمساعداتها للعائلات الضعيفة التي تواجه الموت" من أجل العودة إلى مصر من جديد.
قصة درويش، التي رواها في استغاثته للمفوضية، تتلخص في كونه وعائلته كانوا يعيشون في مصر قبل خمسة أعوام، بعد أن أتوا إليها فارين من جحيم الحرب المستعرة في سوريا، ثم اضطروا للسفر في زيارة قصيرة إلى باقي أفراد العائلة في تركيا، قبل سفر هؤلاء إلى أوروبا بشكل نهائي، لكنّهم بعد توديع ذويهم مُنعوا من دخول مصر والعودة لمنازلهم وأشغالهم فيها، وظلوا طيلة الخمس سنوات الماضية في تركيا، ويأملون مساعدة المفوضية في تسهيل عودتهم إلى مصر من جديد.. "ولا نريد شيئاً آخر؛ لأننا سنرجع مثلما كنا أسعد عائلة على وجه الكرة الأرضية".
استغاثة درويش، هي واحدة من العديد من الاستغاثات والمناشدات التي تُقدم للمفوضية مباشرة، لاسيما عبر صفحتها الرسمية الخاصة بالمعلومات المرتبطة باللاجئين عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وتتضمن تلك الشكاوى والاستغاثات حالات عديدة كل منها يعيش جحيمه الخاص، أملاً في مساعدة المفوضية لحل مشكلته، لاسيما فيما يتعلق بالمشكلات الصحية.
استغاثة
الشاب السوري أحمد سالم، روى في استغاثته للمفوضية قصة والدته التي هي بحاجة لإجراء عملية جراحية عاجلة في العين، وهي مُسجلة في المفوضية، وقد تقدمت بطلب لإجراء تلك العملية منذ ثمانية أشهر ولم تتلق رداً، حتى صارت مهددة بفقدان البصر نهائياً.
أما كمال كمال، فيعاني من مرض مزمن (التهاب في المفاصل والقولون مع تقرحات ونزيف) وعلى رغم كونه مسجل بالمفوضية للحصول على المساعدات المقدمة للاجئين، ومن بينهم اللاجئين السوريين، إلا أنه لم يستطع حتى اللحظة تأمين العلاج المناسب له، فبعد أن كان يحصل عليه من المفوضية توقف بعد تغيرات جديدة طرأت بعد نقل العيادات المتعاونة مع المفوضية إلى جهة أخرى.
يقول كمال لـ "نورث برس" إنه منذ نهاية العام 2018 لم يحصل على الدواء من المفوضية، وهو الآن يضطر لتحمل تكلفته، ما يزيده أعباءً مالية إضافية تثقل كاهله وأسرته، مشدداً على أنه تقدم بأكثر من شكوى للمفوضية في انتظار الرد أو حل مشكلته.
ويعتبر الكثير من أصحاب الأمراض المزمنة من بين الزائرين الدائمين للجهات التابعة للمفوضية وعياداتها المتعاونة، وحتى على صفحاتها عبر السوشيال ميديا، يتقدمون باستغاثات وشكاوى عاجلة من أجل الحصول على الدواء أو إجراء عمليات جراحية، وهو ما رصدته "نورث برس" بالتواصل المباشر مع عددٍ من الحالات، أو من خلال الاستغاثات المباشرة التي قدّمها البعض للمفوضية عبر صفحتها الرسمية وأمام العيادات المتعاونة.
شكوى
كما يشكو الكثير من اللاجئين السوريين من عدم تجاوب المفوضية عبر الهاتف، وهي شكوى مُكررة شاركها عدد منهم عبر صفحة المفوضية على "فيس بوك"، من بينهم اللاجئة فيكي آدم التي قالت: "هناك أكثر من رقم وما في حدا عم بيرد على التليفونات، ولو ردوا يقولوا أنا مش حاقدر أساعد حضرتك، حوصل الكلام للجهة المعنية".
أما محمد الشيخ (سوري منحدر من ريف دمشق، مقيم في مصر) يقول في شكواه التي قدّمها للمفوضية إنه يعاني الأمرين في التواصل، ويقوم بـ "أكثر من 50 محاولة كل يوم؛ للتواصل مع المفوضية؛ من أجل تجديد الكارت الأصفر (كارت التسجيل كلاجئ في المفوضية بمصر) ومنذ حوالي شهر دون جدوى".
ومن بين الاستغاثات التي تم رصدها أيضاً شكوى هادي الأنصاري (لاجئ سوري في مصر)، قال فيها: "نحن مسجلون بالأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ العام 2016 ولم نحصل على أي مساعدات إنسانية أو غذائية، وحالتنا صعبة جداً، ولم يتصل بنا أحد لعمل توطين ببلد ثالث، وأنا رجل كبير ومريض بالقلب والفقرات وخشونة الركبه والبروستات والقولون العصبي وأمراض أخرى (..) وزوجتي مريضة سكري.. العمر فوق الستين سنه.. كما أن أسلوب موظفي الأمم المتحدة والمجمع في غاية الإهمال وعدم احترام الكبير"، على حد وصفه.
حاولت "نورث برس" التواصل مع المفوضية للوقوف على سبل التعامل مع تلك الجهات والمجهودات المبذولة لحل مشكلات التواصل، إلا أنها لم تتلق رداً. وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد ذكرت في بيان سابق لها نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أن التدفق السوري يُجهد الخدمات الصحية في الدول المضيفة، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة.