توصيلات في وقت واحد.. حلٌّ اخترعه أصحاب التكاسي في حلب لغلاء البنزين

حلب- نورث برس

يتوقف حسن الخضري (40 عاماً)، وهو من سكان حي الهلك بحلب، شمالي سوريا، وصاحب تكسي أجرة، عن العمل ليومين أو ثلاثة كل عشرة أيام، وذلك بحسب ورود الرسالة التي تتيح له التعبئة المدعومة من مادة البنزين كونه لا يستطيع تأمينها من السوق السوداء.

ويقول السائق إن العمل على المواصلات العامة بات يرهق أصحاب السيارات من حيث السعي لتأمين مستلزمات البيت وتأمين البنزين للعمل.

ويشير إلى أن ارتفاع سعر البنزين الأخير ساهم في عزوف الكثير عن استخدام التكسي، “مهما أخذت من الركاب أنا خاسر ومهما دفع هو خاسر أيضاً، لذلك أصبحنا نبحث عن عدة توصيلات في نفس الوقت لتجنب الخسارة وهدر البنزين بدون فائدة”.

ويستلم “الخضري” من شركة المحروقات 25 ليتراً عند كل رسالة تأتي بحسب توفر الواردات إلى المدينة، لكن أقل مدة هي 12 يوماً على الأقل وتتحسن المدة بين فترة وأخرى.

وبات الفرق كبيراً في المبلغ بين التعبئة الحالية وقبل، وكان يدفع 27500 ليرة سورية ثمن 25 ليتراً، بينما الآن أصبحت التكلف 62500 ليرة سورية، “عدا إكرامية عمال المحطة”.

“قرار مجحف”

وفي السابع من الشهر الجاري، رفعت وزارة التجارة الداخلية في الحكومة السورية سعر البنزين الاوكتان 90 المدعوم 2500 ليرة سورية بعد أن كان 1100 ليرة،  وسعر البنزين الحر الاوكتان 90 غير المدعوم 4000 بعد أن كان 3500 وسعر البنزين الاوكتان 95 غير المدعوم 4500 ليرة سورية بعد أن كان 4000 ليرة سورية.

وقالت الوزارة عبر صفحتها على  فيس بوك، إن القرار صدر بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط وضمان عدم انقطاع المادة أو قلة توافرها.

ويقول محمود برغل (55 عاماً)، وهو من سكان حي السكري بحلب، إن “الأيام المتبقية له على السيارة التي يعمل عليها تنتهي في أواخر هذا الشهر، وسيعيدها إلى مالكها كونه يعمل عليها كاستئجار شهري”.

ويصف الرجل الخمسيني قرار رفع السعر بأنه “مجحف” وخاصة أنه يعمل على السيارة لساعات تصل إلى 18 ساعة يومياً لتأمين الأجار للسيارة والبيت ومستلزمات المعيشة المرتفعة للعائلة.

ويسكن “برغل” بحلب منذ عام 2013 بعد أن قُصف بيته في ريف إدلب ونزح إلى حلب ويعيش مع زوجته وبناته الاثنتان ضمن منزل لا يحتوي إلا بعض الحاجيات التي وصفها بالضرورية.

ويدفع الرجل آجار للسيارة يصل لـ700 ألف ليرة و75 ألف ليرة آجار البيت شهرياً، ويعزِّي نفسه في حصته من كمية البنزين المدعومة المسجلة على البطاقة الإلكترونية والمفترض أن تصل إلى مئة ليتر شهرياً.

ويتساءل “برغل” عن الدعم الذي تتكلم عنه وزارات الحكومة وهو لا يستلم نصف الكمية في بعض الأحيان، في حين أن الأسواق السوداء “تغرق في مادة البنزين وبكميات كبيرة”، على حد تعبيره.

كما يتساءل أيضاً: “كيف لي أن أحصل على مبالغ الالتزامات المفروضة عليّ مع وصول سعر البنزين الحر إلى 8 آلاف ليرة سورية  لليتر الواحد”.

“لم نلمس أي تحسن

ودائماً بعد كل قرار يصدر عن الحكومة السورية بما يخص الدعم للمستحقين كما تصفهم، يخرج مسؤول ويعزّي في خسائرها من الدعم.

 ومنذ بداية العام الجاري خرج معاون وزير النفط، ليقول إن تكلفة إنتاج المازوت 2500 ليرة لليتر ويباع 1700 وتكلفة البنزين 2500 ويباع 1100 ليرة.

ورغم التقشف والترشيد الذي تعمل عليه الحكومة وصدور قرار بمنع الكثير من أصحاب السيارات من الدعم بحسب مواصفات السيارة، إلا أن أصحاب السيارات المدعومة لما يلمسوا فرق القرار على أرض الواقع.

ويقول علي كوسا (35 عاماً)، وهو من سكان حي سيف الدولة بحلب، “لم يعد لدينا أمل في قرارات حكومية ضد الشعب، لم يتبقَّ أمام الحكومة إلا إعلان رفع الدعم عن المواد النفطية وتوفرها وتنهي هل مهزلة في النقص”.

ويضيف: “لم نلمس أي تحسن لا من خلال رفع سعر المادة ولا من خلال التطبيل للخط الائتماني الإيراني وهنا السؤال أين النفط الإيراني وأين تذهب به الحكومة؟”.

ويشكك الرجل الثلاثيني في كلمات المسؤولين حول التصريحات التي تتكلم عن وصول سفن تقل كميات تفي بالغرض وأن مجموعات القاطرجي التي تنقل النفط من مدينة دير الزور إلى مصفاة بانياس هي من “تدعم محطات سورية بالوقود ولا وجود لأي خط إيراني ولا روسي”.

وأمام هذا الحال، بات “كوسا” يحمل في سيارته وهي تاكسي أجرة خصوصي ما يقارب الخمسة ركاب بحسب جهة الركاب لأي أحياء، وذلك بسبب عدم توفر المازوت وتوقف بعض السرافيس العامة عن النقل.

ويشير السائق أنه لم يعد أي شخص يرغب في ركوب التكسي بمفرده بسبب ارتفاع سعر التعرفة “ونحن نسعى لركوب أكثر من شخص لجعل المعادلة سهلة وإلا مصيرنا ركن سيارة والبقاء دون عمل”.

إعداد: رافي حسن- تحرير: سوزدار محمد