مغتربون مستثمرون في الخارج لا يغامرون في العودة إلى سوريا والاستثمار فيها
درعا- نورث برس
يمتنع محمد الصفدي (60 عاماً)، وهو اسم مستعار لمغترب من بلدة جاسم بريف درعا الشمالي، جنوبي سوريا، عن العودة لبلده والاستثمار فيه، رغم مرور أعوام على اغترابه.
طالما حلم “الصفدي”، الذي يملك مصنعاً للمواد الغذائية في الكويت، بإنشاء معمل في مسقط رأسه، ولكن “الأوضاع السياسية غير المستقرة”، تحول دون تحقيق ذلك.
ويقول المغترب إن السياسات الحكومية “ستمنعنا ليس فقط من الاستثمار في بلدنا، بل حتى في التفكير بزيارته”.
ويعتقد “الصفدي” أن نجاح سوريين في الخارج كان نتيجة توافر بيئة مناسبة لهم افتقدوها في بلدهم، “حيث تحتكر حيتان البلد الصناعة والاستثمار”، بحسب تعبيره.
وتعد محافظة درعا منطقة تجارية هامة كونها المعبر الرئيسي لدول الخليج العربي، وتمتلك عدداً من الميزات التي تشجع على الاستثمار في القطاع الزراعي قرب المحافظة من مدينة دمشق (سوق تصريف الإنتاج الأول في سوريا).
ولكن مغتربون في الخارج من أصحاب الأعمال والمشاريع الاستثمارية لا يغامرون في العودة إلى سوريا والاستثمار فيه.
ويرى هؤلاء أن غياب الاستقرار السياسي وأيضاً دعم المستثمرين وعدم توافر بيئة مناسبة لهم واحتكار متنفذين من الحكومة لعمليات الاستيراد والتصدير وغيرها من الأسباب، “تحول دون إقدامهم على هذه الخطوة”.
كما أنه ورغم مرور أربعة أعوام على فرض القوات الحكومية سيطرتها على الجنوب السوري، لم تنجح الحكومة في جذب المستثمرين وخاصة من أبناء المحافظة، بحسب بعض المغتربين في الخارج.
ويقول يوسف العياش (48 عاماً) وهو من مغترب من مدينة داعل بريف درعا، إنه كان يحلم بالعودة إلى مدينته والاستثمار فيها لكن “القوانين والتشريعات والوضع الأمني والدراسات الأمنية التي تفرضها الأجهزة الأمنية الحكومية وعقوبات قانون قيصر” كلها عوائق تمنعه من ذلك.
ويشير “العياش” الذي يعمل في تجارة الخضار والفواكه في دولة الإمارات، إلى أن الحكومة لا تدعم المستثمرين في درعا التي تفتقر لوجود مدينة صناعية أو مركز تجاري على الرغم من وجود المنطقة الحرة السورية الأردنية على الحدود بين البلدين.
ويشير إلى مشكلة نقص الخدمات الأساسية وخاصة الكهرباء والمحروقات، والتي أدت لتوقف عدد من المنشآت الصغيرة وعزوف أصحابها عن افتتاحها مرة أخرى، “فكيف لي العودة والاستثمار في هذه الظروف”؟.
وكسابقيه، يرفض يحيى الحلقي، وهو مغترب من سكان مدينة أزرع بريف درعا الشرقي، ومستثمر في مجال البناء والعقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة، فكرة العودة إلى سوريا في الوقت الحالي والاستثمار فيه.
ويقول إن البيئة الاستثمارية غير مناسبة في درعا خاصة في الوقت الحالي، “بسبب المخاوف الأمنية في ظل انتشار الإتاوات التي تفرضها عناصر الأجهزة الأمنية الحكومية”.
وقبل الحرب السورية، عمل “الحلقي” نحو خمسة أعوام في مجال البناء والعقارات، ليضطر وعلى إثر الاحتجاجات في بلده عام 2011، إلى خفض استثماراته إلى ما دون 30 بالمئة.
ويواجه “الحلقي” صعوبات كانهيار سعر صرف الليرة السورية، وتذبذب الأسعار وارتفاع أجور اليد العاملة، كما أن “المستثمرين المقربين من الحكومة لهم الحصة الأكبر من العطاءات والمناقصات الحكومية”.
ويضيف، أن الوضع الأمني المتدهور في درعا، لا يشجعه على العودة حالياً.