بريف الرقة … بدائل المزارعون عن الفرات تُرهق طاقة جيوبهم
الرقة – نورث برس
يضطّر زكريا الراشد (35 عاماً)، مزارع من قرية حويجة السوافي، بريف الرقة الجنوبي، شمالي سوريا، شراء المازوت بـ 1200 ليرة سورية، لليتر الواحد، لريّ أرضه الزراعية التي تبلغ مساحتها 30 دونماً.
ويقول المزارع، إنه يتكبّد تكاليف إصلاح محرك مولّدته وتغيير الزّيت، إلى جانب ظهور أعطال بين الحين والآخر، تتسبب بتأخّره بريّ أرضه لعدّة أيام أحياناً.
ويبحث المزارعون بريف الرقة، عن بدائل للريّ بعد انخفاض نهر الفرات، ومعظم تلك البدائل تكون أكثر كلفة من الناحية المادية، هذه الكلفة كانت غير موجودة قبل الفترة الزمنية التي شهدت انخفاض مستوى النهر إلى مستويات قياسية، إضافة للمتاعب التي تظهر خلال فترة الزراعة.
ويعتمد هؤلاء على تشغيل الآبار لريّ محاصيلهم، وذلك بالاعتماد على مولّداتهم الخاصة التي تعمل على المحروقات، وذلك بعد توقف بعض قنوات الريّ عن العمل نتيجة تراجع منسوب مياه الفرات.
وانخفضَ منسوب الفرات، خلال العامين الماضيين إلى مستويات قياسية، بعد انخفاض كمية المياه المتدفقة من تركيا باتجاه الأراضي السورية إلى ما دون 200 متر مكعب بالثانية، وهي أقل من نصف الكمية المتفق عليها بين الحكومتين السورية والتركية عام 1987.
ويُذكر، أن الحكومتين السورية والتركية، وقّعتا اتفاقية في العام 1987، تنصُّ على التزام تركيا الدائم بضخّ الماء البالغة كميته 500 متر مكعب في الثانية من مياه نهر الفرات تجاه الأراضي السورية.
ويبلغ إجمالي المساحات المرويّة في أرياف الرقة، نحو مئة ألف هكتار، وفقاً للجنة الزراعة والريّ في مجلس الرقة المدني، تُروى معظمها بمياه نهر الفرات ورافده البلّيخ وقنوات الريّ الصادرة عنهما.
وتخلّى بعض المزارعين بريف الرقة عن زراعة كامل أراضيهم خلال هذا العام، بعد تكرار تأثّر تلك الأراضي بسبب انخفاض منسوب نهر الفرات، والمصاعب التي تواجه المزارعون خلال فترة ريّها.
ولاحظ محمود الذياب (60 عاماً)، مزارع من قرية كسرة الظاهر، بريف الرقة الجنوبي، ارتفاع نسبة التملّح في أرضه الزراعية بحكم أنه يستخدم مياه أحد المصارف المائية لريّها، والذي ارتفعت نسبة ملوحته بسبب انخفاض منسوب النهر.
ويقول “الذياب”، لنورث برس، إنه إلى جانب تحمّله هو والمزارعون تكاليف مادية باهظة لريّ أراضيهم بعد تراجع منسوب الفرات وانحسار مجراه، فإن إنتاجية الأراضي الزراعية؛ تراجعت بسبب نوعية المياه، وتقليل عدد الريّات لتخفيف التكاليف.
ويملك المزارع الستينيّ، ثمانين دونماً، زرع عشرة منها بمحصول القطن الصّيفي، ولم يحصل على كامل مخصّصاته من المازوت المدعوم لريّ كامل أرضه وهو مُجبر على شراء بقية حاجته من السوق السوداء بسعر 1200 ليرة سورية لليتر الواحد.
ويُشير إلى أن نوعية المازوت التي يشتريها رديئة وتتسبب بأعطال في مُحرّك مضخة المياه، كما أنه يتكلّف بشكلٍ دائم بمصاريفٍ لإصلاح المُحرّك وتكاليفٍ أخرى، لا تكادُ إنتاجية الموسم الزراعي أن تسدَّها بشكل كامل.
وفي قرية حويجة السوافي، تملك خديجة اليوسف (50 عاماً)، عشرة دونمات من الأراضي الزراعية وتتكلّف هي الأخرى بشراء المازوت لريّ مزروعاتها.
وتقول، بينما كانت تلُّف وجهها بوشاح، إن انخفاض منسوب نهر الفرات تسبّب بتراجع عذوبة مياه الريّ وارتفاع نسبة الملوحة فيها، والتي تصل للقرية عن طريق مصرفٍ زراعي يستمدّ مياهه من الفرات.
وتشتكي “اليوسف”، من تراجع إنتاجية أرضها؛ بسبب عدم تمكُّنها من شراء المازوت باستمرار لريّ أرضها، وتقول: إن “الوضع بات مأساوياً”.