السويداء- نورث برس
تفاجأت سعاد الخطيب (50 عاماً) وهو اسم مستعار لسيدة من مدينة شهبا شمالي السويداء، جنوبي سوريا، منذ يومين بطلب طبيبها مبلغ 16 ألف ليرة سورية أجرة معاينتها بعد أن كانت عشرة آلاف ليرة الشهر الماضي.
وتقول السيدة التي تعاني من مرض عضال في الغدة، إن الطبيب أخبرها أنّ رفع الحكومة الدعم عنه هو سبب رفعه قيمة معاينته.
وفي السويداء، يشتكى مرضى من رفع أطباء أجور معاينتهم، ويرون أن ذلك يزيد من معاناتهم ويثقل كاهلهم، وخاصة أن معظمهم يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة في ظلّ تدني قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي حيث وصلت لما يقارب الأربعة آلاف ليرة مقابل الدولار.
وفي المقابل يبرر أطباء ذلك، برفع الحكومة الدعم عنهم، إلى جانب غلاء إيجارات عيادتهم وتكبدهم شراء المحروقات من السوق السوداء بأسعار مرتفعة للوصول إلى عيادتهم.
والشهر الماضي، أصدرت وزارة الاتصالات والتقانة في الحكومة السورية، بياناً تضمَّن استبعاد الأطباء، ممن مضى على ممارستهم مهنة الطب مدة تجاوزت العشر سنوات، من الدعم الحكومي.
وفي الثلاثين من الشهر الماضي، كشف نقيب الأطباء التابع للحكومة السورية، غسان فندي، عن قرب صدور تعرفة جديد لأجور معاينات الأطباء، متوقعاً أن تتراوح بين 8 و16 ألف ليرة، وذلك حسب عدد سنوات مزاولة الخدمة لكل طبيب.
وأوضح “فندي” في تصريحه لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، أن الطبيب الذي لم يمض على مزاولته للمهنة عشر سنوات ستكون تعرفته أقل من الطبيب الذي مضت عشر سنوات على مزاولته للمهنة.
وأشار إلى أن التعرفة الجديدة ستشمل أيضاً المخابر، ولكن ستكون لها تسعيرة مختلفة، لم يحددها.
وبحسب “فندي” فإنه تم استبعاد نحو 8 آلاف طبيب من الدعم من أصل نحو 27 ألف طبيب.
ويقول طبيب في السويداء، فضل عدم نشر اسمه، إن رفع الدعم عنهم أوقعهم بأعباء مادية “كبيرة” تضاف إلى ما يعانوه من غلاء أجور العيادات في المدن، حيث تصل لأكثر من 800 ألف ليرة شهرياً، إضافة إلى غلاء الأجهزة الطبية التي يشترونها بالدولار.
ويشير الطبيب إلى أن التنقل بسيارته الخاصة بين عيادته والمشفى يحتاج في اليوم لحوالي عشر ليترات من البنزين.
ويشتري الطبيب، وهو مختص بأمراض القلب والأوعية الدموية، منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، الليتر الواحد من البنزين بسبعة آلاف ليرة من السوق السوداء، أي أنه بحاجة إلى سبعين ألف ليرة فقط وقوداً لسيارته يومياً.
فيما يرى طبيب مختص بأمراض النساء والتوليد، وهو أيضاً رفع عنه الدعم، أنه “من المجحف” رفع الدعم حسب سنوات الاختصاص فقط، “فالمقارنة بين طبيب في دمشق أو المدن الكبرى ذات الدخل العالي، بطبيب آخر في البلدات الصغيرة غير واقعي”.
لكن كل ذلك لا يقنع محمود الأسعد (60 عاماً)، وهو اسم مستعار لموظف متقاعد في مديرية الزراعة بالسويداء، فـ”ثمن رفع الدعم عن الأطباء دفعه المواطن المدعوم”.
ويقول الرجل وهو مصاب بمرض القلب ويحتاج لزيارة طبيب اختصاص الأوعية الدموية بشكل دوري، إنّ معاينة طبيبه الشهر الماضي كانت ثمانية آلاف ليرة، ومنذ أسابيع رفعها إلى 15 ألف ليرة، “بحجة” رفع الدعم عنه.
وبحسب “الأسعد” فإنه يحتاج شهرياً لأكثر من خمسين ألف ليرة لشراء أدوية ضغط وأدوية قصور القلب ومعاينة الطبيب، كما تحتاج زوجته لعشرة آلاف ليرة لشراء أدوية السكري والضغط.
ويبلغ الراتب التقاعدي للرجل الستيني، مئة آلف ليرة شهرياً، وهو مبلغ لا يكفيه للطبابة، “لولا مساعدة ابني المغترب كنت سأعجز عن شراء الأدوية لي ولزوجتي”.
ويتساءل “الأسعد” بنبرة استياء، “ما العبرة من دعم الفقير برغيف الخبز ثم يترك ليواجه غلاء أجور معاينة الطبيب وأجور المحامين وإيجارات الشقق السكنية؟”.