تحضيرات عسكرية في إدلب بالتزامن مع العملية التركية المرتقبة على شمالي سوريا
إدلب – نورث برس
كشفت مصادر مطّلعة في المعارضة السورية، لنورث برس، مطلع الشهر، عن تجهيزات تُجريها فصائل غرفة عمليات “الفتح المُبين”، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام( جبهة النصرة سابقاً)، لعملية عسكرية ضد قوات الحكومة السورية بريفي إدلب وحلب.
ويأتي ذلك، في وقتٍ تشهد به المنطقة تصعيداً عسكرياً وقصفاً مُكثّفاً متبادلاً شاركت به الطائرات الروسية مؤخراً.
وكان زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، أشار في لقاء مع وجهاء مدينة إدلب في ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، إلى أن “الظروف العامة الموجودة في المحرر والدولية والمحلية والإقليمية، تدفع باتجاه؛ أن هناك فرصة كبيرة ستأتي على المنطقة للتحرير العسكري”.
تصعيدٌ غير مُسبق
ويعتقد قيادي في غرفة عمليات “الفتح المبين”، فضّل عدم ذكر اسمه، لنورث برس، أن الفصائل العسكرية وبعد نحو عامين، من توقف العمليات العسكرية بشكلٍ شبه كامل، قادرة على البدء بعملية عسكرية جديدة، لاستعادة ما أسماها بالمناطق “المُحتلّة” من قبل قوات الحكومة السورية.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، تشهد العديد من جبهات جنوبي إدلب وغربي حلب، تصعيداً عسكرياً هو الأول من نوعه منذ توقيع اتفاق خفض التصعيد بين روسيا و تركيا في آذار/ مارس من العام 2020.
ويُشير المصدر، إلى أن “الفصائل اليوم ولا سيما هيئة تحرير الشام لا ترتبط كثيراً بالقرارات التركية، على عكس الفصائل الأخرى التي تتبع لها بشكلٍ مباشر وتتلقّى الدعم المباشر منها”.
ولكن في الوقت نفسه الهيئة على “تنسيق مع السلطات التركية”، بحسب المصدر.
وتوقّع المصدر، أن المعركة ستكون محدودة ومن المتوقع أن تبدأ من مناطق غربي حلب، إضافةً إلى عدّة نقاط قرب مدينتي معرّة النعمان و سراقب جنوب شرقي إدلب.
“وجودها سيُحرج تركيا”
وتسود بين أوساط سكان في إدلب مخاوفاً من عملية مقايضة جديدة بين روسيا وتركيا في المنطقة، قد تؤدي إلى قضم مناطق جديدة في إدلب مقابل حصول تركيا على أخرى في شمال وشرقي حلب.
ويقول المصدر العسكري نفسه، إن “ذلك بات مستحيلاً اليوم”، لعدّة أسباب أورد منها: “المساحة التي تُسيطرعليها هيئة تحرير الشام في إدلب والمناطق الأخرى من المحافظات المجاورة باتت صغيرة جداً”.
ويُضيف، أن “تسليم إدلب أو أجزاء منها للنظام السوري مقابل حصول هيئة تحرير الشام على مناطق في شمالي حلب و شرقها، هو أمرٌ مستحيل أيضاً، بسبب العداوة المتواجدة بين هيئة تحرير الشام وفصائل الجيش الوطني في تلك المنطقة”.
كما أن “التركيبة السكانية في تلك المناطق (الكرد)، تمنع هيئة تحرير الشام من الدخول إليها بوساطة تركية لأن الهيئة لا تزال مُصنّفة على لوائح الإرهاب ووجودها في عفرين وغيرها سيحرج تركيا”، وفقاً للمصدر نفسه.
“مرتبط بالقمة الثلاثية”
ومن جانبه يرى المحلل السياسي السوري، نصر اليوسف، الذي يقيم في العاصمة الروسية موسكو، التصعيد الحاصل في إدلب ومحيطها مرتبط بالقمة الثلاثية التي سوف تنعقد في طهران في التاسع عشر من الشهر الجاري بين الأطراف الراعية لاتفاق أستانا.
ويضيف “اليوسف”، أنه “على هامش هذه الاجتماعات، من المؤكد سيعقد الرئيسان أردوغان و بوتين اجتماعاً ثنائياً هناك، وفي هذا الاجتماع سيكون لأردوغان أجندة مختلفة وهي العملية العسكرية التي يُحضّر لتنفيذها في منطقتي تل رفعت ومنبج بشكلٍ مبدئي”.
وفي حديثه لنورث برس، يُشير “اليوسف”، إلى أن الجانبين الروسي والتركي سيعودان إلى اتفاقيات سيطرة “النظام السوري” على الطريق الدولي حلب – اللاذقية المعروف بـ أم فايف.
ويستذكر السياسي أن الطرفان اتفقا قبل عامين، على تسيير دوريات مشتركة على هذا الطريق، وتعهّدت تركيا حينها بتأمين الطريق وجعله صالحاً للاستخدام، “ولكن سارت الرياح بما لا تشتهي السفن التركية والروسية أيضاً”.
ورغم ذلك يستبعد “اليوسف”، أن تقوم تركيا “بتسليم ذلك الطريق والمناطق المحيطة به للنظام السوري وروسيا، مقابل حصولها على منبج وتل رفعت”.
وحول التصعيد الجوّي الأخير لروسيا في إدلب، يرى المحلّل، أن “بوتين يريد أن يُفهّم أردوغان أنه وعلى الرغم من حاجته له، أن روسيا تستطيع أن تؤلم تركيا في مكان ما”.
ويُعتقد أنه وفي نهاية المطاف، “لن يعارضوا العملية العسكرية التركية المحتملة شمالي سوريا، بدعوة أنهم يتفهّمون الهواجس الأمنية التركية وهذا ما أكده وزير الخارجية الروسي في تصريحات سابقة”.