المخيمات العشوائية في منبج.. شُحٌّ في المساعدات مع إغلاق معبر اليعربية

منبج – نورث برس 

تُراقب حورية حميد (42 عاماً)، نازحة من منطقة مسكنة بريف حلب الشرقي، وتسكن في مخيّم خريجة العشوائي في الطرف الغربي من منبج، شمالي سوريا، طفلها من ذوي الاحتياجات الخاصة والبالغ من العمر تسعة أعوام وليس بيدها حيلة لفعل ما يمكنه تخفيف معاناته والألم الذي ينتابه.

قصدت السيدة، عدّة منظّمات بُغية تسجيل طفلها المصاب بضمور في الدماغ وشلل في أطرافه السُفلّية لتقديم المساعدة له، لكنهم لم يقدموا له أيّ دعمٍ يُذكر ليخفف ثقل المصاريف عن زوجها الذي يعمل مياوم بمردود يومي لا يتجاوز سبعة آلاف ليرة سورية، بحسب قولها.

ويشتكي نازحون في مخيّماتٍ بمنبج، من قلة الدّعم المُقدّم لهم من المنظّمات الإنسانية العاملة بالمنطقة في ظلّ استمرار  إغلاق معبر اليعربية (تل كوجر)، وتأثيره على كمية المساعدات التي تصلهم على فتراتٍ مُتقطّعة.

تتحدث “حميد”، بلهجتها العاميّة عن قلة المساعدات وشحّ الدّعم المقدّم لهم، “لولا العمل لمتنا من الجوع، ما في حدا يقدم لنا شي، جميع المنظّمات مساعداتهم حبر على ورق ويقدمون لنا من الجمل أذنه، أوضاعنا صعبة جداً وبحاجة لمن يساعدنا”.

وتُضيف بينما تشير بيديها إلى خيمتهم المصنوعة من بقايا أكياس حبوب القمح (الخيش)، بأنها تفتقر حتى لوجود مواد غذائية بداخلها ويفتقدون بها مقوّمات الحياة، حيث تفوق قدرة زوجها تحمُّل مصاريف طفلهم المُعاق وأشقائه الخمسة الآخرين.

وعلى ضوء استمرار إغلاق المعابر الإنسانية وعلى رأسها معبر اليعربية، تناقصت كمية المساعدات الإنسانية التي تصل مناطق شمال شرقي سوريا، حيث يتمُّ تقديم المساعدات بحسب كمية الدّعم المقدّم، بحسب منظّمات إنسانية عاملة في منبج.

وأضافت، أن غالباً ما يقدم لهم شقيق زوجها بعض المساعدات “لكن الأمر لا يتوقف على يوم أو شهر، إن لم يُقدم لنا دعم متكامل من قبل المنظّمات الإنسانية أوضاعنا في كل يوم تسوء أكثر من سابقه”.

وقبل نحو عامين، أُغلق معبر اليعربية، الذي يقع على الحدود السورية العراقية، بعد استخدام موسكو وبكين حق النقض “الفيتو”، في مجلس الأمن الدولي لإغلاق المعبر أمام مرور مساعدات الأمم المتحدة.

وقال محمد الأدهم (39 عاماً)، نازح من منطقة مسكنة ويعيش مع عائلته المُكوّنة من ثمانية أفراد في مخيّم خريجة العشوائي، إن احتياجاتهم في المخيّم تفوق الدّعم المُقدّم لهم من قبل المنظّمات الإنسانية.

وأضاف لنورث برس، أنهم أصبحوا يشترون الماء من الصهاريج الجوّالة على نفقتهم الشخصية، بعد أن كان يُقدّم مجاناً من قِبل المنظّمات العاملة في المخيّمات، ولكن مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الطلب على الماء، “المنظّمات أوقفت الدّعم”.

ويدفع النازح نحو 2500 ليرة سورية يومياً لشراء برميل من الماء، وهناك عائلات تضطّر لدفع مبالغ أكثر من ذلك، بحسب عدد أفرادها واحتياجاتهم اليوميّة له، بغضّ النظر عن المساعدات الغذائية الخجولة، التي لا تكفي لعدة أيام بالشهر، بحسب وصفه.

وأشار، إلى أن المخيّم يفتقر للخدمات الطبيّة في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة، وخطر إصابة الأطفال بعدّة أمراض نتيجة موجات الحرارة العالية والشمس، حيث لا توجد أيّ جهة تقدّم مساعدات طبية لهم، إضافة لارتفاع تكاليف العلاج خارج المخيّم.

ولم يتلّقى إسماعيل الإبراهيم (38 عاماً)، نازح من منطقة مسكنة أيضاً ويعيش في المخيّم ذاته، أي مساعدة سواءً أكانت غذائية أو منظفات، منذ قرابة شهرين.

وقال لنورث برس، إن أغلب الخيام التي يسكنها النّازحون في الخيم صُنعت بطريقة يدوية من بقايا أكياس “الخيش”، وأصبحت اليوم مهترئة بفعل العوامل الجويّة، إذ “طالبنا عدّة مرات بتغييرها، لكن لا حياة لمن تنادي”.

ويطالب “إبراهيم”، المنظّمات الإنسانية بزيادة الدّعم لجميع النازحين في المدينة والريف، ووصول المساعدات لمستحقيها، إضافة لتوفير ما يحتاجونه من مواد غذائية وخيام ومواد تنظيف.

وبلغ عدد النازحين في المخيّمات العشوائية ضمن مدينة منبج وريفها 1935 عائلة بعدد (9786) شخص، بينما بلغ عدد النازحين في المخيّمات النظامية 1012 عائلة بعدد (5190) شخص، معظمهم من منطقتي مسكنة ودير حافر في ريف حلب الشرقي، بحسب لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في منبج.

وقالت أسماء رمّو، الرئيسة المشاركة للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل، إن الإدارة لا تستطيع تحمّل أعباء النازحين جميعهم، حيث لا يمكن تقديم الدّعم لهم، والعبء الأكبر يقع على عاتق المنظّمات الإنسانية العاملة في منبج. 

وأضافت لنورث برس، أن اللجنة على تنسيق دائم مع المنظمات الإنسانية لسدّ احتياجات سكان المخيمات العشوائية والنظامية، حيث يتم تقديم المساعدات لهم من خلال برامج تتقيد بها المنظّمات.

إعداد: صدام الحسن – تحرير: عمار حيدر