‘‘عيدُنا هو عودتنا لديارنا’’.. غياب بهجة العيد في مخيمات النزوح بالحسكة

الحسكة – نورث برس

في محلها الصغير ضمن مخيم الطلائع شرقي مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، تجلس أمينة حسن، خلف ماكينة الخياطة بانتظار مجيء التيار الكهربائي لتنفيذ طلبات بعض الزبائن قبل حلول عيد الأضحى، لكسب قوت تعيل بها أسرتها.

 ويحل العيد هذا العام كما سابقه، ضيفاً ثقيلاً على العائلة المؤلفة من ثمانية أشخاص لما تعيشه من سوء الحالة المعيشية الذي غيّب بهجة العيد على سائر قاطني المخيم الصحراوي.

كحال المئات من العوائل، تستقبل أسرة أمينة عيد الأضحى للعام الثالث على التوالي وهم بعيدين عن ديارهم بفعل الاجتياح التركي برفقة فصائل المعارضة المسلحة الموالية له، والتي تسببت بنتيجتها بنزوح عشرات الآلاف من سكان المنطقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وإلى جانب مرارة النزوح، لا يقوى زوج أمينة على العمل بسبب المرض، بينما تتكفل هي بإعالة الأسرة من خلال عملها في الخياطة إلى جانب ابنتها التي تعمل لدى قوى الأمن الداخلي وابنها يعمل أعمال حرة.

وعلى كرسي بلاستيكي ضمن محلها بينما تتدلى فساتين نسائية ملونة خلفها، تروي ‘‘حسن’’ (49 عاماً) أوضاعها مع قدوم العيد ‘‘نحن على أعتاب الأعياد وكل شيء باهظ لدرجة أننا لا نستطيع شراء الألبسة لأطفالنا وهذا الأمر ينطبق على جميع قاطني المخيم بشكل عام’’.

وتضيف: ‘‘كل طفل يلزمه 100 ألف حال اشتري له اللباس، لدي أربع أطفال صغار ما عدا الكبار فعدد أسرتي ثمانية أشخاص، إذا نحسب شراء اللباس لهم فقط يكلف قرابة 600 ألف ليرة عدا الضيافة والحلوى، أوضاعنا المادية لا تسمح بذلك’’.

في أرجاء المخيم، تغيب مظاهر العيد وهو ما يتجلى بوضوح علامات البؤس وضيق الحال واضحة على معالم قاطنيه، في ظل اشتياق الجميع للعودة إلى الديار، حيث كان للعيد طعم آخر.

بينما يلهو الأطفال بين الأزقة والحركة البطيئة للقاطنين ذهاب وجيئة ضمن المخيم في ظل ارتفاع درجات الحرارة، لا توحي أوضاع المخيم باستعداده لاستقبال العيد ولا سيما أن محلاتها التجارية تفتقر إلى الحلوى والضيافة المعهودة للأعياد.

وتعود “حسن” بذاكرتها إلى مدينتها وتغوص في مخيلتها خلال احتفالاتهم وتحضيراتهم للعيد قبل الخروج منها، لتخفت معها بريق البهجة، ‘‘أصبح لنا ثلاث سنوات هنا، لم نشعر بفرحة العيد نهائياً، كوننا متفرقين عن بعضنا البعض’’.

وفي خيم لا يعزلهم عن حرارة الصيف التي تبلغ ذروتها في كثير من الأحيان إلى 50 درجة، سوى قطعة قماش، يتخلف باختلاف المنظمات الإنسانية والاغاثية العاملة في المنطقة في تقديم الخدمات والمساعدات لهم.

أما الأمر الذي يضاعف معاناة الكثيرين أنهم لا يجدون فرصة عمل مناسبة يعيلون بها عوائلهم بشكل يومي عدا عن التفكير في شراء مستلزمات الأعياد.

وبينما العرق يتصبب من جبينها لارتفاع درجات الحرارة، تشكو السيدة الأربعينية من قلة الاهتمام بهم بعدما أدت الحرب في سرقة الفرحة على محياهم ‘‘المساعدات حالياً ضعيفة، هناك غياب للاهتمام بنا ونفتقر لحقوقنا، كما أن هناك انقطاع كبير للتيار الكهربائي وضعف في المياه، فالحياة صعبة صراحة.، كما أن ليس مقدرة لنا على شراء مولدة وشراء البنزين فهذه جميعها صعوبات لنا’’.

وبينما لا تفصلها عن حلول العيد سوى ساعات قليلة، تؤكد ‘‘حسن’’ بأن عيدها هو عودتها إلى منزلها ومدينتها ‘‘ففي أيام الأعياد ضمن هذا المخيم الجميع يلتزم خيمته ومنزله، فليس لنا أي فعاليات أو زيارات تذكر، وذلك بسبب اننا نفتقد لمنازلنا ومدينتنا’’.

وتتذكر “حسن” سعادتهم باقتراب الأعياد والتحضيرات التي كانوا يقيمونها قبلها بأيام، إلا أن النزوح أجبرهم على التخلي على الكثير من العادات التي كانت كطقوس سنوية يعملون على إعدادها.

وتقول: ‘‘سابقاً كنا نقيم التحضيرات قبل العيد بثلاثة أيام، كنا نعد الكليجة والحلوى ونشتري الألبسة لكن حالياً بالنسبة لي العيد لم يعد له أي معنى وخاصة أن معارفنا كل أحد منهم سافر لمكان’’.

وبينما يجلس أطفالها بالقرب منها، تختتم حسن حديثها، ‘‘سنعود حتماً يوماً ما إلى مدينتنا، وسنستقبل العيد بأبهى حلة كما كنا نفعله’’.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: محمد القاضي