التشديد والملاحقة.. ترفع من أسعار تهريب الأشخاص من إدلب إلى تركيا
إدلب – نورث برس
على الحدود السورية التركية وبالقرب من مدينة حارم شمالي إدلب، ينتظر الثلاثيني رفيق الإسماعيل، مع عدد من أصدقائه، حلول المساء ليبدؤوا محاولة تسلل جديدة نحو الأراضي التركية.
ولكن تلك المحاولة التي كان رقمها ثلاثة وعشرون، باءت بالفشل أيضاً كسابقاتها، بحسب” الإسماعيل”، النازح من مدينة دوما بريف دمشق، ويقيم حالياً في منزل أحد أقاربه بمنطقة حارم شمال إدلب.
ويلجأ الكثير من الأشخاص ممن قامت السلطات التركية بترحيلهم إلى الأراضي السورية إلى طرق التهريب غير الشرعية للعودة إلى الأراضي التركية، لا سيما وأن معظمهم ترك خلفه أطفاله أو عائلته، وفقاً لتقارير صحفية.
وفي السابع عشر من شباط/فبراير الفائت، رحّلت السلطات التركية الشابّ رفيق الإسماعيل (31 عاماً)، نحو الأراضي السورية، بعد أن قامت بإلقاء القبض عليه أثناء عودته من عمله في أحد المعامل بمدينة إسطنبول التركية.
وأشار” الإسماعيل”، أنه “تم ترحيله رغم حمله بطاقة (الكيملك) الخاصة به، وإذن العمل”، تاركاً خلفه زوجته وأطفاله الثلاثة برفقة والدته في مكان سكنهم بمدينة إسطنبول.
ومنذ مطلع العام الجاري، قامت السلطات التركية بترحيل مئات اللاجئين السوريين الذين يقيمون على أراضيها قسراً إلى الأراضي السورية، وذلك في إطار خطّتها لإعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى ما أسمتها بالمنطقة الآمنة.
“ملاحقة وتشديد”
ومنذ ترحيله يحاول “الإسماعيل”، عبثاً العودة حيث بائت جميع محاولاته بالفشل فضلاً عن تعرُّضه في كل مرة مع رفاقه للضرب المُبرح من قبل (الجندرمة) التركية، إضافةً إلى ملاحقتهم أيضاً من قبل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
ويُضيف: “منتصف الشهر الفائت، قام أحد الحواجز قرب مدينة حارم، بتوقيفنا بعد أن تأكد أننا من الذاهبين نحو طريق التهريب، وقاموا بتفتيش الأجهزة والحقائب واحتجازنا لديهم لأكثر من 22 ساعة”.
ولكن في اليوم التالي، قاموا “بالإفراج عن المجموعة كاملة بعد أن قام المُهرِّب بدفع مبلغ 15 ألف دولار أميركي”.
وأشار إلى أنه بعد ذلك، “قام المُهرِّب برفع أجور التهريب لكل شخص ليصبح (2300) دولار أميركي، وأجبرنا على الدفع ورغم ذلك لم نتمكن من الدخول إلى الأراضي التركية”.
ويقف النازح في حيرة من أمره وقد ضاقت به السُبل بعد فشل كل محاولاته للدخول إلى الأراضي التركية، وقد “باتت أشبه بالمستحيل”، على حد قوله.
يقول “الإسماعيل”، بلهجة مُفعمة بالحزن “في الحقيقة لا أدري ماذا أفعل، أنا بعيد عن أطفالي وعائلتي، وأنا اليوم أيضاً بين جشع المهربين واستغلالهم وبين ناري تحرير الشام والجندرمة؛ كرهت كل شيء”.
ارتفاع أجور التهريب
ومن جانبه يحاول حسن الممدوح (37 عاماً)، وهو نازح من ريف حلب، منذ أشهر الدخول إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية، بهدف العمل، ليترك خلفه عائلته المؤلفة من سبعة أفراد في مخيمات الكرامة قرب الحدود السورية التركية شمال إدلب.
يقول “الممدوح” إنه “منذ أربعة أشهر وأنا أحاول الدخول، وفي كل مرة نتعرض للإهانة والضرب بوحشية من قبل الجندرمة التركية وكأننا مجرمين”.
ويضيف لنورث برس، أن “الأجور أصبحت مرتفعة جداً، وتصل إلى نحو 1800 دولار أميركي، حيث اضطرّ لاستدانته كاملةً من أحد أقاربه من المقيمين في الخارج”.
من جانبه علّل مهند الفايز (34 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد العاملين في تهريب البشر في إدلب، زيادة المبلغ بـ”كشف الجندرمة التركية لكافة الطرق التي كان يستخدمها المهربون، إضافةً إلى التشديد الكبير على الحدود والذي جعل نسبة نجاح محاولة الدخول لا تزيد عن 5 %”.
ولفت الرجل النظر إلى منع تحرير الشام التهريب، “بعد أن تلقت أوامر تركية باتت تلاحق المهرّبين وتفرض عليهم الغرامات المالية وأحياناً السجن” .
وكل ما سبق بحسب “الفايز”، “جعل المهرّبين يقومون بسلك طرق أخرى بعضها بعيدة، وبذلك قاموا برفع تسعيرة الدخول وأصبحت تتراوح بين 1500 – 2000 دولار للشخص الواحد”، بحسب قوله.
ويضيف الرجل: “بسبب التشديد الذي تفرضه الهيئة ونشرها عشرات النقاط على الحدود، جعل مهمة التهريب صعبة للغاية”.
ومنذ مطلع العام الجاري، سُجن “الفايز”، ثلاث مرات من قبل هيئة تحرير الشام وغُرِّم بأكثر من 60 ألف دولار، بسبب قيامه بتهريب أشخاص دون “تنسيق مع الهيئة ودون أن يقوم بقطع إيصال تهريب، يتراوح سعره بين 50 و75 دولار، عن كل شخص، بحجة “ضمان الحقوق”.
ويقول: “إيصال التهريب تقوم بقطعه مكاتب تحرير الشام المنتشرة في المناطق الحدودية”.