نازح من تل أبيض يمنعه فقدان الأمان من العودة لمسقط رأسه
كوباني- نورث برس
على هاتفه الجوال، يتصفح خشمان شوكت، صور عائلته في منزله ويذكر مع ظهور كل صورة على الشاشة تفاصيلها والمناسبة التي جمعتهم أثناء التقاطها، متحسّراً على ما آل إليه حاله بعد النزوح.
يقول بينما يُكمل تصفُّح الصور، إن منزله يقع على تلة مرتفعة في قرية الناظرة، غربي مدينة تل أبيض، وبات منذ سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها على قريته، “مركزاً عسكرياً ويقيم فيه عناصر من الفصائل المسلحة”.
واستناداً لما نقله له أشخاصاً لا يزالون في القرية، يُشير الرجل إلى أن منازل أبناء عمومته القريبة من منزله وأخرى عائدة لجيرانه باتت أيضاً مقرات للفصائل الموالية لتركيا.
وبعيداً عن منزله وقريته التي استقرت عائلته فيها منذ العام 1975، يسكن “شوكت” البالغ من العمر(59 عاماً)، برفقة عائلته في منزل استأجره بقرية خراب كورت شرقي كوباني.
وما جرى لعائلة “شوكت” أو ما يشبهه، كان مصير 300 ألف نازح بعد الهجمات التركية عام 2019 على منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.
وتوجّه كثير منهم آنذاك لمخيّمات أنشأتها الإدارة الذاتية أو لمراكز إيواء، بينما توزّع آخرون في مدن وبلدات شمال شرقي سوريا.
ولا يتمكن الرجل رغم مرور ثلاثة سنوات على نزوحه، من التأقلم مع مسكنه الثاني ويأمل بالعودة لمنزله.
لكنه يستدرك: “نريد نرجع على المنطقة اليوم قبل بكرة، بس مانعنا فقدان الأمان وممارسات الفصائل المسلحة بحق السكان، وهذا كافٍ لإعادة ترتيب الحسابات قبل الرجعة”.
كما أنه يخشى في حال عودته لقريته من الاصطدام بعناصر الفصائل القادمين من مدينة إدلب والغوطة والمستوطنين في منازل قريته، يقول، “يمارسون انتهاكات غير إنسانية بحق المتواجدين في المنطقة”.
ويسردُ الرجل مثالاً عن عدم توّفر الأمان هناك، حيث أخبره شاب في قريته أن “المرتزقة”، يأتون ويسرقون المواشي وكل ما يصادفهم من ممتلكات وأشياء.
ويضيف نقلاً عن الشاب أن الأخير جلس بين المواشي التي يملكها ليلاً، فأتى شخصان لسرقة المواشي فأمسكهم، فأخذوا منه هويته ووضعوه في السجن.
ويتساءل، ” فأين الأمان؟”.
وكلما سنحت له الفرصة، يتواصل الرجل مع معارف له في قريته ينقلون له كل الأخبار المتعلقة بالقرية، فيحزنه كل ما يسمعه منهم.
يقول، “أخبروني أن الفصائل المسلحة استولت على أملاكي وأملاك النازحين، يوجد في تل أبيض نحو 150 كتيبة ومجموعة مسلحة بأسماء مختلفة تستولي وتتقاسم كل منها جزء من ممتلكات ومنازل المنطقة”.
وتقضي عائلة الرجل كما باقي العائلات النازحة من منطقته، أيامها وسط ظروف معيشية متدهورة وندرة المساعدات الإغاثية سواء من الأغذية أو الأدوية.
ويخشى الرجل أن لا يتمكن من العودة لمسقط رأسه مستقبلاً، في ظلّ استمرار تركيا ببناء مستوطنات وتوطين سكان من خارج المنطقة في أراضيهم ومنازلهم “لتصبح مع الأيام ملكاً لهم”.
ومطلع أيار/ مايو الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن إطلاق مشروع “العودة الطوعية”، والذي يتضمّن إعادة مليون لاجئ سوري مقيم في تركيا إلى 13 منطقة في الشمال السوري بعد بناء مستوطنات لهم.
وبعد ثلاث سنوات من النزوح، يأمل “شوكت”، أن تتدخل الأمم المتحدة لوقف بناء المستوطنات في منطقته لأنها “كارثة إنسانية تحرمنا من العودة لمنازلنا”.