حلب- نورث برس
زيارة طبيب وإجراء فحص طبيّ وتحاليل وشراء بعض الأدوية قبل أربعة أيام، كلّفت محمد شمّاع (62 عاماً)، وهو من سكان مدينة حلب، 100 ألف ليرة سورية.
الرجل الستيني، الذي يعمل كسائق على سيارة أُجرة، لم يكن ضمن حساباته دفع هذا المبلغ والذي يحتاج لتحصيله أكثر من اسبوعين من العمل.
يقول “شمّاع”، الذي يبذل جهداً لتأمين قوت عائلته، “كل شيء بات له ثمن مرتفع بهذا البلد، لو كنت أعلم أن زيارة طبيب، للاطمئنان على صحتي سيكلفني هذا المبلغ لتحمّلتُ أوجاعي”.
ويشتكي مرضى في حلب من ارتفاع أجور المعاينات الطبيّة والأدوية والتحاليل وعدم التزام الأطباء والصيادلة بالأسعار التي حددتها الحكومة.
ويرون، أن استمرار ارتفاع تلك الأسعار يزيد من معاناتهم ويُثقل كاهلهم، وخاصة أن معظمهم يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة في ظلّ تدني قيمة الليرة السورية إلى أربعة آلاف ليرة مقابل الدولار.
ويُلخّص سائق التكسي معاناته بالقول: “لم تعد الوعكة الصحية خطراً على صحة المريض أكثر من خطرها على جيوبه وحالته الاقتصادية”.
ويعاني “شمّاع” من آلام في ركبتيه، ما اضطره لدفع 20 ألف ليرة للطبيب كأجرة معاينة، فيما كلّفه إجراء التحاليل 45 ألف ليرة وشراء الأدوية حوالي 33 ألف ليرة.
وسيواجه الرجل متاعب أكبر خلال الفترة المقبلة وخاصّة أن عمله لأسبوعين وكل ما واجهه من تعب وإرهاق، أنفقه خلال ساعات معدودة .
ويُضيف: “نحن عاجزون عن تأمين قوت العائلة وأحياناً لا نستطيع توفير أبسط الأشياء، فكيف لنا بتحمُّل نفقات العلاج!”.
لكن حمود الحسن (39 عاماً)، وهو طبيب اختصاص قلبية، ولديه عيادة في حي الجميلية بحلب ، برّر عدم التزامه بالتسعيرة الحكومية وهي خمسة آلاف ليرة للمعاينة و2500 للمراجعة، بأن “الطبيب كأي مواطن يتحمّل النفقات ويعاني من صعوبات الحياة بسبب الغلاء الفاحش”.
وإلى جانب العمل في عيادته، يعمل الطبيب في مشفى الجامعة الحكومي ويتقاضى نحو 180 ألف ليرة سورية شهرياً.
ويُلفت النظر إلى رفع الدعم الحكومي عن الأطباء ممن تجاوزوا العشر سنوات بمزاولة المهنة، أي أن “الطبيب سيتحمل المزيد من النفقات ومبلغ 5000ليرة للمعاينة لن يغطي هذه النفقات المتصاعدة”.
ويذكر الطبيب بعضاً من تلك النفقات، إذ يشتري ليتر البنزين لسيارته من السوق السوداء بعشرة آلاف ليرة سورية ويحتاج على أقل تقدير إلى 50 ليتر شهرياً.
والأربعاء الماضي، أصدرت وزارة الاتصالات والتقانة في الحكومة السورية، بياناً تضمَّن استبعاد الأطباء، ممن مضى على ممارستهم مهنة الطب مدة تجاوزت عشر سنوات، من الدعم الحكومي.
ويُحمِّل “الحسن”، الحكومة مسؤولية ارتفاع الأسعار، “فالحكومة عندما تقرر تحديد سقف للأجور وترفع الدعم عن الأطباء، يجب عليها على الأقل توفير المحروقات للوصول إلى مكان عملهم”.
لكن كل تبريرات الأطباء، لا تلقى صدىً إيجابياً عند المرضى، وخاصة أنهم يُعتبرون من بين الفئات الأعلى أجراً في البلاد.
وفي المقابل، يواجه فراس حمدون (47 عاماً)، وهو صيدلي في حي الإذاعة بحلب، بشكل يومي اعتراضات المرضى والسُّكان على فروقات الأسعار ما بين المكتوب على علبة الدواء وما يطلبه هو منهم.
ويُرجع الصيدلي سبب الفروقات إلى أن شركات الأدوية لا تلتزم بالتسعيرة الحكومية.
ويشرح ذلك بذكر مثال عن دواء “فالسارتان” المعالِج لخفض ضغط الدم المرتفع، حيث يبلغ سعره الحكومي 3600 ليرة للعلبة الواحدة، بينما تبيعه الشركات للصيادلة بـ4200 ليرة، ويقوم الصيدلي بإضافة نسبة 20%، فيصل السعر إلى 5500 ليرة.